هل أوفى ترامب بوعده بإنعاش الصناعة الأمريكية؟ – DW – 2019/12/9
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل أوفى ترامب بوعده بإنعاش الصناعة الأمريكية؟

٩ ديسمبر ٢٠١٩

يُصّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أن الصناعة مفتاح تنمية الاقتصاد، وقدم نفسه بطل لإنعاشها، ورغم ذلك ضربت سياساته الحمائية القطاع بشدة ووضعت وظائفه في خطر وسط تباين آراء المحللين حول وضع الصناعة في عهد ترامب.

https://p.dw.com/p/3UK26
امرأة أمريكية في إحدى مصانع الولايات المتحدة في فرانكلين بارك.
مشاكل التصنيع قد يكون لها تأثير حاسم على فرص إعادة انتخاب ترامب.صورة من: Reuters/T. Aeppel

إنعاش الصناعة الأمريكية وإيجاد الوظائف بالمصانع من أهم وعود دونالد ترامب عند إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية في 2016. وطالما انتقد الإدارات السابقة بشدة لسماحها للشركات الأمريكية بنقل إنتاجها إلى دول مثل الصين والمكسيك وتعهد بإعادته إلى الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن ترامب قدم نفسه كبطل لإنعاش الصناعة الأمريكية، إلا أن خبراء قالوا إن سجله في هذا القطاع ضعيف.

"لا يوجد أي إنعاش لوظائف التصنيع في الولايات المتحدة"، يقول ديفيد دولار زميل وكبير الخبراء في معهد العلاقات الاقتصادية الأمريكية الصينية لـ DW عربية. "كان قطاع التصنيع يوفر 8.1 في المائة من العمالة المدنية عندما انتخب ترامب، واليوم النسبة كما هي لم تتغير"، بحسب دولار. وأظهرت البيانات الصادرة عن معهد إدارة الواردات (ISM) هذا الأسبوع، تدهور نشاط التصنيع في الولايات المتحدة للشهر الرابع لأضعف مستوى منذ 2012.

ويقول خبراء اقتصاد إن نهج الإدارة الأمريكية "أمريكا أولاً" والسياسات الحمائية، التي اتخذتها، تسببت في حالة من عدم اليقين المتفشي والانتقام التجاري وقطع سلاسل التوريد، بينما أضرت بالاستثمار وتباطأت في التوظيف.

"حروب ترامب التجارية كافية للومه"

وقال جاكوب فونك كيركيغارد، الباحث البارز بمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، لـDW عربية إن "الحروب التجارية لترامب تكاد تكون وحدها كافية للومه على الفشل في بذل المزيد من الجهد لقطاع الصناعة"، مشيرا إلى النزاعات الجمركية التي بدأها الرئيس الأمريكي منذ مجيئه إلى منصبه.

"على الرغم من التحفيز المالي القياسي في أوقات السلم، واستمرار انخفاض أسعار الفائدة وتخفيض ضرائب الشركات في الآونة الأخيرة، ظل الاستثمار في الأعمال التجارية الأمريكية منخفضًا للغاية، حيث أن حالة الشك في التجارة قد أثرت على شهية المخاطرة لدى الشركات وربحيتها"، بحسب كيركيغارد.

وقال دولار إنه "في الوقت الذي أدى فيه الخلاف التجاري بين واشنطن وبكين إلى نقل بعض الإنتاج من الصين إلى دول مثل المكسيك وفيتنام، إلا أنها لم تُعد الإنتاج إلى الولايات المتحدة.. وفي الوقت نفسه، تعتمد العديد من الشركات الأمريكية على المكونات والآلات من الصين، وبالتالي فإن الرسوم الجمركية كانت عبئًا عليها".

لكن ماريك ماسترز، أستاذ الأعمال بجامعة وين ستيت المتخصص في قضايا العمل، قال لـDW عربية، إن سجل ترامب في الوظائف "إيجابي بشكل عام" وإن سياساته التجارية لها "جاذبية سياسية كبيرة" بين كثير من المواطنين الأمريكيين.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ خلال لقاء جمعهما باليابان حزيران/ يونيو الماضي.
الحرب التجارية بين أمريكا والصين مستمرة. صورة من: Reuters/K. Lamarque

ما مدى أهمية التصنيع؟

يُشكّل التصنيع اليوم حصة أقل من الاقتصاد الأمريكي وسوق العمل مقارنة بما كان عليه الحال في السابق، حيث سجل القطاع 11 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الربع الثاني من هذا العام، وفقا لبيانات وزارة التجارة الأمريكية. وعلى الرغم من الانخفاض في حصته، يعتبر القطاع الصناعي في غاية الأهمية للابتكار الصناعي وكمصدر للوظائف ذات الأجر الجيد.

وبدوره رأى رئيس المجلس القومي للتجارة في البيت الأبيض بيتر نافارو، أن التصنيع لديه معدل عال من التوظيف، كما أنه يساعد في توليد عدد كبير من الوظائف الإضافية في مجالات أخرى.

وفقًا للرابطة الوطنية للمصنعين، "مقابل كل دولار يتم إنفاقه في التصنيع يضاف 1.81 دولار أخرى من القيمة في مكان آخر من الاقتصاد"، وهو أكبر "عائد" في أي قطاع اقتصادي. وتوصلت دراسة أجراها معهد السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة عام 2018، إلى أن وظائف التصنيع تميل أيضًا إلى دفع أجور أعلى من الوظائف الأخرى التي تتطلب مستوى تعليميًا واحدًا.

وكان ترامب قد تعهد خلال حملته الرئاسية ومنذ توليه السلطة، بوضع حد للانخفاض الطويل الأجل في العمالة الصناعية وتنشيط ولايات الحزام الاقتصادي كثيفة التصنيع في الغرب الأوسط للولايات المتحدة. 

وهذا هو السبب وراء دعم المناطق ذات الاقتصادات المحلية للصناعة الثقيلة لترامب خلال الانتخابات التي فاز بها عام 2016. ومنذ أن أصبح رئيسًا، أضافت الشركات أكثر من 400 ألف وظيفة تصنيع في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وفقًا لموقع البيت الأبيض.

التأثير على إعادة الانتخاب

لكن التباطؤ الحالي وعدم اليقين في الأعمال قد يؤثر سلبا على دعم ترامب في ولايات الحزام، حسب محليين. وكانت الشركات الكبرى مثل جون ديري وكاتربيلر متفائلة بشأن توقعاتهم، في حين تتزايد المخاوف بشأن تسريح العمال المحتمل.

ويرى الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أن مشاكل التصنيع قد يكون لها تأثير حاسم على فرص إعادة انتخاب ترامب، إذ قال: "يجب على ترامب أن يفوز مرة أخرى في ولايات الغرب الأوسط العليا التي فاز بها بفارق ضئيل للغاية في عام 2016 لإعادة انتخابه. لكن مع تعرض صناعة الغرب الأوسط المحلية للركود والتخلي عن الوظائف، سيكون ذلك صعبًا على ترامب".

ووفقا لبيانات معهد بروكينغز، ضرب الركود التصنيعي المقاطعات الجمهورية بقوة أكبر. وتلك المقاطعات لديها القدرة على التأثير في آراء الناخبين في ولايات المعركة الرئيسية مثل ويسكونسن وميتشيغان، حيث يوفر التصنيع واحدة من كل خمس وظائف في بعض المقاطعات.

وقال ماسترز: "يعتمد إعادة انتخاب ترامب اعتمادًا كبيرًا على حالة الاقتصاد المواتية والتطرف الملحوظ لمن سينافسه في الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم"، مشيرا إلى أنه "إذا انزلق الاقتصاد إلى الركود مع ارتفاع البطالة فإن فرص إعادة انتخاب ترامب مهددة"، مضيفًا: "أماَّ إذا استمر الاقتصاد في الأداء بشكل جيد وإذا رشح الديمقراطيون يساريًا متشددًا، فإن فرص إعادة انتخاب ترامب سترتفع".

وبينما تأثرت المصانع الأمريكية بشدة نتيجة ضعف الثقة بالشركات الأمريكية وانخفاض الطلب العالمي، أثرت النزاعات التجارية والإجراءات الحمائية المتزايدة أيضًا على آفاق النمو في البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم.

إلقاء اللوم على الاحتياطي الفيدرالي

في الوقت نفسه، حاول ترامب تحويل اللوم عن تباطؤ التصنيع نحو الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي). وانتقد ترامب مراراً بحدة السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بأن "رفع أسعار الفائدة تسبب في رفع القيمة النسبية للدولار، الأمر الذي يجعل السلع الأمريكية أكثر تكلفة في الخارج".

وفي محاولة لتعزيز النمو الاقتصادي، طلب ترامب من مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة، على الرغم من أن الخبراء يقولون إن المشاكل مرتبطة بالتجارة وليس السياسة النقدية.

وكتب ترامب تغريدة على حسابه بموقع "تويتر"، الإثنين الماضي: "تجمدت الشركات المصنعة بسبب الدولار القوي، الذي تدعمه سياسات سخيفة من مجلس الاحتياطي الاتحادي".

وأضاف الرئيس الأمريكي: "ينبغي على الاحتياطي الفيدرالي تخفيض أسعار الفائدة (لا يوجد أي تضخم) وتخفيفها، حتى يجعلنا ننافس الدول الأخرى، وسوف ترتفع معدلات التصنيع! الدولار قوي للغاية بالنسبة للآخرين".

في آب/ أغسطس، كتب ترامب أيضا أن سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي "تجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لمصنعينا الكبار مثل كاتربيلر وبوينغ...".

 

وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة العام الجاري ثلاث مرات، أخرها في أكتوبر/ تشرين الأول، بنسبة 0.25 في المائة في كل مرة. ويتراوح سعر الفائدة الاسترشادي حاليا بين 1.50 إلى 1.75 في المائة، لكن المجلس لم يعد في آخر مرة بإجراء تخفيض جديد على الفائدة. 

على الرغم من الضعف في التصنيع، قال ديفيد دولار، إن الاقتصاد الكلي الأمريكي في حالة جيدة، موضحا "يتركز التوظيف بشكل كبير في الخدمات، وتواصل هذه القطاعات نموها بشكل معتدل". وأنهى حديثه بأنه "من المحتمل أن يكون للنمو الإجمالي للاقتصاد تأثير على الانتخابات أكثر مما يحدث في الصناعة".

سرينيفاس مازومدارو/ م.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات