مخيم اليرموك.. مقبرة الأحياء – DW – 2013/9/30
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مخيم اليرموك.. مقبرة الأحياء

سوسن محروسة ـ دمشق٣٠ سبتمبر ٢٠١٣

فيما ينشغل العالم بقضية السلاح الكيمياوي، تستمر الحرب في سوريا وتزداد معاناة الناس، خصوصا في المناطق التي تتعرض لحصار خانق. DW عربية تمكنت من دخول مخيم اليرموك، أحد أحياء جنوب دمشق ورصدت جوانب من معاناة سكانه.

https://p.dw.com/p/19pOO
Die Zerstörung im Laufe der Belagerung erreichte fast alle Gebäude. Rechte: (Sausan Mahrousa, Damaskus 26.09.2013) zugeliefert von: Yasser Abumuailek
جانب من الدمار الهائل الذي لحق بالمباني والعمارات السكنية في أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين بسوريا، مخيم اليرموكصورة من: DW/S. Mahrousa

تعتبر أحياء جنوبي دمشق نموذجا لأقسى ما تعانيه الأحياء "الثائرة" في دمشق وريفها. فعلاوة على القصف المستمر الذي تتعرض له هذه الأحياء (مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين والحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي ويلدا وببيلا والسبينة والبويضة والسيدة زينب والذيابية وحجيرة)، تطبق القوات الحكومية حصارا خانقا على سكانها. ويصف البعض هذا الحصار بـ "أبشع أساليب العقاب الجماعي للمدنيين"، الأمر الذي يحرمهم من الحصول على أدنى مقومات الحياة.

لم يكن دخول فريق DW عربية بالأمر السهل. فمجرد محاولة الدخول إلى هذه الأحياء يعتبر جريمة، إلا أننا قمنا بالاتفاق مع أحد ناشطي الإغاثة، وهو شاب في الثلاثينات عرف عن نفسه باسم أبو احمد، ليساعدنا في الدخول، فوافق بشرط أن ندخل على مسؤوليتنا الشخصية ولمدة قصيرة جدا. لقد اعتاد أبو أحمد على إدخال بعض الأدوية الضرورية من إحدى المداخل السرية لمخيم اليرموك المحاصر.

وكشف لنا أبو أحمد عن الصعوبات التي يواجهها في إدخال الأدوية للمخيم، إذ إن عليه المرور سيرا على الأقدام بين الحارات التي تقع على تخوم اليرموك ومن ثم العبور من طريق ترابي كان معبدا سابقا، إلا أن القصف الشديد ومرور الآليات العسكرية منه جعلت حتى الإسفلت لا يسلم من الدمار.

Beschreibung: Die Straßen des Lagers für palästinensische Flüchtlinge nach dem Ende der Belagerung tragen immer noch die Spuren des Kriegs. Rechte: (Sausan Mahrousa, Damaskus 26.09.2013) zugeliefert von: Yasser Abumuailek
أصبحت شوارع مخيم اليرموك مهجورة والأسواق خاوية على عروشهاصورة من: DW/S. Mahrousa

يتحدث أبو أحمد لـ DW عربية عن بداية الحصار قائلا "بدأ حصار المنطقة الجنوبية بشكل كامل بعد تحرير حي اليرموك من قبل الجيش الحر والسيطرة عليه بتاريخ 15-12-2012 حيث قامت القوات الحكومية بإغلاق المنطقة باستثناء وجود معبر وحيد أطلق عليه الأهالي معبر رفح السوري يقع في مدخل مخيم اليرموك من جهة حي الزاهرة الدمشقي". ويضيف أبو أحمد بأن هناك حاجزا آخر من الجهة الجنوبية للمنطقة المحاصرة، جهة سبينة، لا يجرؤ المدنيون على المرور منه ويسمى "حاجز الموت".

وهذا الحاجز، والكلام لأبي أحمد "أشد خطورة من حاجز اليرموك كون المتواجدين عليه من عناصر اللجان الشعبية. وبعد إغلاق حاجز اليرموك بقي هذا الحاجز المعبر الوحيد لدخول أهالي الجنوب منذ تاريخ 17-7-2013 بشكل نهائي بسبب قيام القوات الحكومية بإحكام حصارها على المنطقة وإعلان بعض منظمات إغاثة الجنوب الدمشقي منطقة منكوبة".

"نأكل الخبز المعفن.. إذا وجدناه"

عندما وصلنا إلى داخل مخيم اليرموك كان المشهد مروعا. فعلاوة على الدمار الذي أصاب المباني السكنية والمنازل، يُحرَم السكان في هذه الأحياء من أدنى مقومات الحياة من طعام وشراب وكهرباء ووقود حتى أصبحت الشوارع مهجورة والأسواق خاوية على عروشها. هذه المعاناة دفعت أغلب الأهالي إلى النزوح عن الحي، وبقيت قلة ممن لا قدرة لهم على النزوح أو ترك منازلهم. وقام هؤلاء بتقليص عدد وجبات الطعام من ثلاث وجبات إلى وجبة واحدة فقط لعدم توفر الطعام.

وبسبب عدم توافر أي كميات من مادة الطحين، فقد عمد الكثير من الأهالي إلى صنع الخبز من العدس أو البرغل. ويصف الناشط أبو أحمد الوضع في المخيم بأنه "يمكن اعتبار المنطقة الجنوبية حالياً منطقة خالية من الطعام، حيث إنها أصلاً لا تنتج المواد الغذائية ولا تشتهر بالزراعة. هنا يعاني أكثر من 600 ألف مدني من خطر الجوع والموت البطيء خاصة ونحن على أبواب فصل الشتاء وما سيلحقه من معاناة إضافية بسبب نقص وقود التدفئة وانقطاع الكهرباء".

Ein Kind beaufsichtigt das gemeinsame Kochen für mehrere Familien. Rechte: (Sausan Mahrousa, Damaskus 26.09.2013) zugeliefert von: Yasser Abumuailek
طفل يحرس قدرا لطهي الطعام لعدة عائلاتصورة من: DW/S. Mahrousa

ويروي أبو عامر، أحد سكان المخيم وتمكنت DW عربية بصعوبة من اللقاء به، جانبا من معاناته "في ظل نقص الخبز أو انعدامه يعتمد المحاصرون عل البرغل والأرز. كما كنا نضطر لشراء كيلو السكر بـ 1000 ليرة سورية"، أي بسعر يزيد "عشرة أضعاف عن سعره في المناطق الهادئة"، هذا إذا توفر أصلا. ويضيف أبو عامر لـ DWعربية قائلا: "في إحدى المرات قمت بشراء كيلو سكر من أحد التجار الجشعين بالحي بمبلغ 1500 ليرة. وبعد تناوله اضطررت لنقل طفلي إلى المستشفى لتسممه من السكر حيث تبين أنه مغشوش بإضافة مادة الجبصين إليه. أما الكهرباء فلا نراها إلا ساعة في النهار بفضل جهود الجيش الحر الذي شغل مولدات تعمل على الديزل لفترات محدودة، لكن وفي أكثر الأحيان لا وجود للوقود".

ومن جهتها تتحدث أم خالد، وهي إحدى النازحات من حي الحجر الأسود، عن المأساة التي كانت تعيشها قبيل نزوحها فتقول: "كنا نبحث عن الخبز المعفن على أسطح جيراننا النازحين لنزيل العفن من عليه ونأكله. فقدت زوجي نتيجة نقص الأدوية حيث كان يعاني من مرض في القلب وعندي أطفال صغار. وقمت بتزويج إحدى بناتي لشاب من الجيش الحر لكي يعيلنا ويحمينا فكان يؤمن لنا بعض المواد أحياناً ولكنها غير كافية. ثم فقدناه واستشهد في إحدى جبهات القتال. وتمكنت من الخروج من الحي منذ ثلاثة أيام عن طريق حاجز السبينة بعد سيري على الأقدام أكثر من سبع ساعات متواصلة".

الحصار الطبي أشرس أنواع الحصار

لا يقتصر الحصار الذي تعاني منه أحياء الجنوب على المواد الغذائية والكهرباء فحسب بل يطال المواد الطبية أيضا، الأمر الذي يتسبب بالعديد من الوفيات. ويأتي هذا في ظل تعرض الحي للقصف الصاروخي بصواريخ الأرض أرض والمدفعية الثقيلة. ويقول الناشطون إنه تم إحصاء أكثر من 200 صاروخ سقطت على المنطقة الجنوبية لدمشق بمعدل ثلاثة إلى سبعة صواريخ يوميا، بالإضافة إلى غارات الطيران الحربي.

Man kann die Zerstörung in allen ecken des Flüchtlingslagers im Herzen von Damaskus. Rechte: (Sausan Mahrousa, Damaskus 26.09.2013) zugeliefert von: Yasser Abumuailek
ثلاثة إلى سبعة صواريخ تسقط يوميا على مخيم اليرموك وأحياء دمشق الجنوبيةصورة من: DW/S. Mahrousa

ويتحدث أحد الأطباء عن وجود حالات موت لمرضى بسبب نقص التغذية وفقدان أبسط ما يحتاج له الإنسان كالخبز وبسبب نقص المواد الطبية كالسيرومات الملحية وأكياس الدم الضرورية. كما يوجد في المنطقة الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ الذين هم بحاجة لأدوية للأمراض المزمنة كالسكري والفشل الكلوي والضغط عدا عن انتشار الأمراض المعدية وانتشار حالات سوء التغذية لانعدام الغذاء الضروري وحليب الأطفال للرضع.

كما تم تسجيل موت رضيعة في 19-8-2013 تدعى "جنا أحمد حسن" لعدم وجود حليب الأطفال وعدم تقبلها أي مرضعة أخرى غير أمها، التي كانت خارج الحي وغير قادرة على دخوله بسبب منع القوات الحكومية دخول آو خروج الأهالي من الحي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد