مائة عام على نظرية "الانجراف القاري" – DW – 2012/1/8
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مائة عام على نظرية "الانجراف القاري"

٨ يناير ٢٠١٢

قال كوبرنيكوس إن الأرض تدور حول محورها وهي كباقي الكواكب تدور حول الشمس أيضا، فلم يصدقه الناس. وبعد 400 سنة، قال عالم ألماني شاب إن القارات ليست ثابتة وهي تتحرك كما يتحرك جبل جليد فوق الماء، ومات قبل أن يصدقه الناس.

https://p.dw.com/p/13fq9
ألفريد فيغينر، فيزيائي وعالم الطقس والجيولوجياصورة من: picture-alliance/akg-images

قبل مائة عام، وتحديدا في السادس من كانون الثاني/يناير عام 1912 ألقى عالِمٌ في الحادية والثلاثين من العمر محاضرة في جامعة فرانكفورت الألمانية، عرض فيها نظرية جديدة قوبلت بالرفض والسخرية.

إذ وكما كان الناس يعتقدون بأن الأرض ثابتة وأنها مركز الكون قبل ظهور نظرية العالم البولندي كوبرنيكوس، كانوا يعتقدون أيضا بأن القارات التي تشكل اليابسة ثابتة في مكانها منذ الأزل.

وظل هذا الاعتقاد سائدا إلى أن جاء عالم الجيولوجيا ألفريد لوثر فيغينر، المولود في برلين عام 1880، وقال بأن اليابسة كانت مكونة من قارة واحدة ومن محيط واحد، ثم انفصلت إلى قارات وجزر وبحار ومحيطات، وأطلق على نظريته هذه اسم "الانجراف القاري".

قبول التحدي

في عام 1910 لاحظ ألفريد فيغينر أن أمريكا الجنوبية وإفريقيا تتطابقان مثل قطعتي بزل Puzzle. واستخلص من ذلك أن القارتين كانتا ذات يوم جزءا من قارة واحدة ثم انفصلتا، وأنه يوجد قارة أُم انفصلت القارات عنها.

في البداية رفض العلماء هذه النظرية، وبعضهم هزأ منه وتمسكوا بالنظرية القديمة القائلة بأن القارات ثابتة في أماكنها ولا تتحرك.

لكن وبدلا من الاستسلام والاستكانة لهُزئ زملائه، دفعه ذلك إلى البحث عن براهين أكثر إقناعا بنظريته. فما هي الحجج الجديدة التي جاء بها عالم الجيولوجيا والفيزياء ومستكشف المنطقة القطبية؟

القارات مثل جبال الجليد

Infografik Karte der tektonischen Grenzen in Europa und Asien Deutsch
خارطة للصفائح التكوتونية لقارتي آسيا وأوروبا

انطلق أدولف فيغينر من أن القارات مكونة من مادة ذات كثافة أخف من مادة قاع المحيطات، وأن القارات تتحرك كما تتحرك جبال الجليد. ووجد البرهان على هذه النظرية في الدول الاسكندينافية. فهذه الدول غرقت وانخفضت عن مستواها السابق خلال العصر الجليدي بفعل وزن الكتلة الجليدية الهائلة التي بلغ ارتفاعها عدة كيلومترات. وحين ذاب الجليد قبل حوالي أحد عشر آلاف عام، بدأت بالارتفاع من البحر وهي مازالت ترتفع حتى يومنا هذا.

كذلك وجد حفريات لحيوانات ونباتات من البر والبحر لا تعيش إلا في المناطق الحارة والاستوائية، لكن تم العثور عليها في مناطق باردة ومغطاة بالثلوج مثل جبال الألب وحتى في القطب الشمالي.

خصوم فيغينر رفضوا تعليلاته الجديدة وجادلوا بأن القارات كانت ربما مرتبطة ببعضها البعض في الماضي السحيق، وهكذا فسروا تشابه الحيوانات والنباتات.

لم تكن التكنولوجيا متطورة في حياة فيغينر لإثبات صحة نظريته، وتوفي في عام 1930 أثناء استكشافه جزيرة غرينلاند قبل أن يتمكن العلماء في نهاية ستينات القرن الماضي من إثبات أنها صحيحة.

الاعتراف بعبقرية هذا العالم جاء بعد وفاته بسنوات، فقد أحدثت نظرياته ثورة في علم الجيولوجيا، وفسرت لنا سبب وجود متحجرات بحرية في قمم جبال الهملايا وجبال الألب.

واليوم يوجد معهد مرموق يحمل اسم فيغينر متخصص بأبحاث علمية في المنطقتين القطبيتين والبحار المحيطة بهما. كما يحمل اتحاد علماء الجيولوجيا في ألمانيا اسمه أيضا، وتمنح هذه المؤسسة جوائز سنوية لتشجيع البحث العلمي في الطقس والجيولوجيا والمناطق القطبية.

عبد الرحمن عثمان

مراجعة: عبده جميل المخلافي