لودفج ارهارد – "أب المعجزة الاقتصادية" – DW – 2006/6/22
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لودفج ارهارد – "أب المعجزة الاقتصادية"

إعداد: سمر كرم٢٢ يونيو ٢٠٠٦

لا يذكر التاريخ الالماني ارهارد كمستشار لالمانيا بقدر ما يذكره كوزير فذ للاقتصاد وأب لمعجزة المانيا الاقتصادية. كانت عبقريته الاقتصادية السبب الأساسي في ميلاد ما يعرف "باقتصاد السوق الاجتماعي" الجاري العمل به حتى الآن.

https://p.dw.com/p/8eCi
لودفج ارهارد يخرج ألمانيا من أزمتها الاقتصادية بعد الحربصورة من: AP

لم يكن حلم ارهارد يوما أن يعمل بالسياسة، بل كانت خطته هي العمل في تجارة الأقمشة مع والده، ولكن شاءت الأقدار أن يصاب في الحرب العالمية الأولى إصابة شديدة أجبرته على ترك العمل في التجارة التي تحتاج منه الى التنقل والترحال. فاتجه عام 1919 لدراسة الاقتصاد في مدينة نورنبيرج، ثم في فرانكفورت حيث تخرج دكتوراً في علم الاقتصاد عام 1925. بدأ حياته السياسية بالعمل في معهد المراقبة الاقتصادية للسلع الألمانية الجاهزة في نورنبيرج، وهو معهد مسئول عن دراسة السوق. وكانت إحدى مسئولياته اصدار مجلة شهرية كانت تهتم بالأخص بمناقشة مواضيع الاقتصاد السياسي. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، منعته إصابته من الاشتراك في الحرب، لكنه اعتبر دوره في هذا الوقت هو الاستعداد للسلام وإعادة البناء عبر نشر دراسات ونظريات اقتصادية طموحة. و أثناء الحكم النازي منعت تلك الدراسات، فترك المعهد وكون معهداً خاصاً به بالتعاون مع معهد الأبحاث الصناعية.

معجزة الخروج بألمانيا من أزمة ما بعد الحرب

Militärischer Besatzungsstatus endet
إنهاء الاحتلال العسكري لقوات الحلفاءصورة من: AP

في عام 1944 كشف ارهارد النقاب عن مذكرة "تمويل الحرب واعادة هيكلة الديون" التي بناها على فكرة خروج ألمانيا مهزومة من الحرب، واضعاًَ تصورات عن كيفية إعادة بناء اقتصاد البلد. في عام 1945 اتيحت له الفرصة لتطبيق نظرياته عمليا بعدما اصبح وزيرا للاقتصاد في ولاية بافاريا. ونظرا لنظرياته في ادارة اقتصاد الحروب وماضيه النظيف ابان الحقبة النازية، استدعته ادارة الاحتلال الامريكي بعدها بعامين ليصبح رئيسا لادارة النقد والقروض في البلاد. يذكر ان المانيا كانت في الفترة من عام 1945 أي بعد انتهاء الحرب وحتى عام 1949 أي عند قيام جمهورية المانيا الاتحادية تحكم من قبل ادارة الاحتلال المكونة من الامريكيين والبريطانيين والفرنسيين والروس. في 20 سبتمبر/أيلول 1949 أصبح ارهارد وزيرا للاقتصاد في أول حكومة المانية تتشكل في جمهورية المانيا الاتحادية برئاسة المستشار كونراد آدنآور. وهنا بدأت سياسة جديدة في ألمانيا قائمة على حرية السوق وفي الوقت ذاته على الاهتمام بالتوازن الاجتماعي. وسميت هذه السياسة التي أسسها ألفرد مولر أرماك - أستاذ الاقتصاد- "بسياسة السوق الاجتماعي". كانت اولى الخطوات التي قام بها ارهارد هو الاعلان على الملأ عبر الاذاعة ودون التنسيق مع قوات الحلفاء عن تحديد الأسعار. كان تغيير العملة ضمن مشاريع الأمريكيين، إلا أن مسألتي تحرير السوق وتحديد الأسعار كانتا مفاجأة الوصي على الاقتصاد. ويوم 20 من شهر يونيو/حزيران 1948، استلم مواطنو ألمانيا الغربية العملة الجديدة، وأخرج التجار بضائعهم المخبأة واختفت الأسواق السوداء التي كانت مسيطرة وانتهى نقص البضائع واسدلت صفحة الاقتصاد الموجه في المانيا الى البد.

وزير اقتصاد لامع ومستشار على الهامش

في أول انتخابات لمجلس النواب الألمانيالتي جرت عام 1949، ساعد ارهارد أدناور على الفوز وأعلن عن استعداده لتمثيل الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية بادن ـ فورتمبرج بالرغم من أنه لم يكن عضواً في الحزب. وبالرغم من عمله طويلاً مع الحزب المسيحي إلا أنه لم يصبح عضواً فيه إلا في عام 1963. أما معجزته الاقتصادية فظهرت في النمو الاقتصادي الكبير الذي حققه وفي ثبات الأسعار وانخفاض نسبة البطالة بشكل متسارع. كان شعاره "الرفاهية للجميع" الذي اصبح فيما بعد عنوان أحد كتبه، وهذا الشعار كان السبب في فوز الحزب المسيحي الديمقراطي بأغلبية ساحقة عام 1957. رفعت الأربعة عشر سنة التي قضاها ارهارد كوزير من شعبيته وجعلته محبوباً بشكل كبير لدى جميع شرائح الشعب الالماني. في عام 1963 خلف ارهارد سلفه آدنأور في منصب المستشار، إلا أن أداءه السياسي في هذا المنصب لم يكن على قدر من مستوى النجاح الذي حققه كوزير للاقتصاد، وهو ما توقعه السياسي المحنك آدناور، الذي شعر برغبة ارهارد في أن يرث المستشارية من بعده، لكنه قال عنه: "إنه ليس الشخص المناسب لتقلد هذا المنصب". كان آدنأور يعتبره غير حكيم في السياسة الخارجية ولا يمتلك الحنكة في ادارة خيوط اللعبة السياسية على مستوى الاحزاب والولايات االمانية. وبالرغم من نجاح ارهارد في كسب انتخابات عام 1965 أمام فيللي براندت، مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي وأحد أكثر الشخصيات شعبية في المانيا آنذاك، بدأت ملامح التمرد على ارهارد تطفو داخل حزبه، الامر الذي هيأ لسقوطه تدريجيا. ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة أعطيا الانطباع بافتقاد ارهارد لقدراته على اتخاذ قرارات سليمة حتى في مجال تفوقه. وفي عام 1966 انتهى عمله السياسي كمستشار، لكنه بقي في ذاكرة ألمانيا كصاحب المعجزة الاقتصادية التي أخرجت الدولة من حالة الضعف بعد الحرب.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد