كيف نحمي الأطفال اللاجئين القادمين إلى بريطانيا دون ذويهم؟ – DW – 2019/6/29
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف نحمي الأطفال اللاجئين القادمين إلى بريطانيا دون ذويهم؟

٢٩ يونيو ٢٠١٩

كيف يمكن إبقاء الأطفال غير المصحوبين بذويهم في المملكة المتحدة في مأمن من عمليات الاتجار بالبشر؟ كان هذا هو السؤال الذي طرحه مشروع تجريبي أطلقته المنظمة الدولية للهجرة (IOM) والذي اختتم مؤخرًا.

https://p.dw.com/p/3LEu1
Symbolbild - Kindesmissbrauch
صورة من: Imago Images/blickwinkel

"لقد عانينا كثيرًا بالفعل، وأجبرنا على أن نعاني مرة أخرى. طُلب منا أن نثق بالشرطة والعاملين الاجتماعيين، لكنهم لا يساعدونك دائمًا. بعضهم جيد، لكن الكثيرين يعتقدون أنك تكذب وأنك فقط تحاول البقاء في البلاد ".

كانت هذه هي كلمات شابة نجحت في الهرب من الاتجار واستغلال البشر في المملكة المتحدة قبل عشر سنوات. وقد ساعدتها جمعية ECPAT الخيرية، وهي اختصار لــ "كل طفل محمي ضد الاتجار بالبشر". تأتي شهادة الشابة في افتتاحية تقرير أصدرته الجمعية في ديسمبر 2018 بعنوان "مستمر في طريق الأذى: تقرير محدث عن الشباب المتاجر بهم وغير المصحوبين بذويهم في عداد المفقودين في المملكة المتحدة".

تتابع الشابة شهادتها قائلة: "عندما نُقلت إلى مكتب الخدمات الاجتماعية، قال لي أخصائي الاجتماعي إنهم تحدثوا إلى السيدة التي كنت أعمل عندها وأنها روت لهم قصة مختلفة تماماً، وطلبوا مني أن أقول الحقيقة. عرفت حينها أن تاجر البشر الذي استغلني كان يسيطر عليهم. ولم يكن هناك من أمل بالنسبة لي ". لحسن الحظ، وجدت الشابة طريقة للهرب، لكن الكثيرين غيرها لم يتمكنوا من ذلك.

تقول الجمعية إنه في عام 2017، كان هناك نحو 1015 بلاغاً عن أطفال يشتبه في أنهم ضحايا لتجار البشر أو الاستغلال. فقد أثر 24 في المائة (246 شخصاً) من إجمالي الأشخاص الذين تم تصنيفهم كمعرضين - او يشتبه في تعرضهم - لخطر الاتجار من الرعاية. في العام نفسه، كان هناك 4،765 قاصراً غير مصحوبين بذويهم تحت الرعاية، تم تصنيف15٪ منهم (729) على أنهم في عداد المفقودين، ولم يعثر على 190 منهم حتى الآن.

أرقام آخذة في الارتفاع

تقول سارة دي جيجليو، كبيرة مسؤولي السياسات حول الاتجار بالبشر والرق الحديث في المنظمة الدولية للهجرة إن "أعداد الأطفال الذين يتم الاتجار بهم في ازدياد". كانت دي جيجليو مسؤولة عن خطة تجريبية لمدة عامين تهدف إلى تزويد القائمين برعاية الأطفال والقُصر بالأدوات اللازمة لاكتشاف العلامات التي تشير إلى أن الأطفال قد يتعرضون لخطر الاتجار بهم، وذلك بهدف العمل على تجنيب المزيد من الأطفال الأذى.

تم تنفيذ برنامج المنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع "بارناردو" وهي أكبر جمعية خيرية للأطفال في المملكة المتحدة، إلى جانب مجلس كرويدون في لندن وهي سلطة محلية منتخبة تقع العديد من الخدمات المجتمعية تحت إدارتها. تم تمويل هذه الدراسة بواسطة صندوق حماية الإتجار بالأطفال في وزارة الداخلية بالمملكة المتحدة، وكانت تهدف في البداية إلى دعم مقدمي الرعاية الذين يرعون الأطفال من ألبانيا وفيتنام من طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم، إلا أن جميع القائمين بالرعاية الذين يعتنون بالقصر غير المصحوبين بذويهم كان بإمكانهم الانضمام إلى البرنامج.

كان الشباب الألباني والفيتنامي على رأس قائمة البلدان الثلاثة الأولى التي يتعرض أطفالها للاتجار بهم واستغلالهم منذ عدة سنوات وحتى الآن. تسلط نتائج التقرير الضوء على بعض هذه القصص.

"نشأ ترونغ في قرية صغيرة تحيطها حقول الأرز وسوق شعبي في شمال فيتنام. نشأ ترونغ وتربى على أيدي جدته. وفي عمر الخامسة عشر، قابل رجلًا يدعى فيوك والذي أخبره أنه بإمكانه الحصول على وظيفة. اعجب الفتي بالرجل الذي أحسن معاملته، وقد رتب فوك للفتى رحلة إلى بانكوك باستخدام جواز سفر مزور، كما زوده بهاتف على متن الطائرة ". للأسف الشديد، تعرض ترونغ للإساءة من قبل فوك والذي أُرغمه على ممارسة الجنس معه ومع رجال آخرين سراً كانوا في غاية العنف معه. وخلال رحلته إلى المملكة المتحدة، أجبر ترونغ على تنظيف الأماكن التي احتُجز فيها، وكان يعمل أحيانًا لمدة تصل إلى 17 ساعة في اليوم. عندما وصل أخيرًا إلى المملكة المتحدة ، أوقفته الشرطة وووضع قيد الرعاية. تلقى ترونغ تعليمات من فيوك للاتصال به فور وصوله إلى لندن وكان خائفًا "بشأن ما قد يفعله به فيوك إذا لم يتصل به".

تعاطف متصاعد

قام العاملون في المشروع باستشارة مقدمي الرعاية والخبراء العاملين في هذا المجال والشباب من ألبانيا وفيتنام والذين كانوا يتمتعون بنظام الرعاية في المملكة المتحدة.

تقول سارة دي جيجليو: "تشعر السلطات المحلية بالقلق إزاء الأطفال الفيتناميين الذين يتم استغلالهم في مزارع القنب في بلادهم أو مراكز العناية بالأظافر في بريطانيا. لا يزال الجهد في هذا الإطار غير كافٍ".

ووفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية فإن مراكز العناية بالأظافر في بريطانيا تقوم بتشغيل الكثير من هؤلاء الصغار فيما قد يعد أحد مظاهر العبودية الحديثة.

نجح الشاب الفيتنامي ترونغ في الهرب، وعلى الرغم من أن الشرطة قبضت عليه بسرعة، إلا أنه وجد لاحقاً يعمل في أحد مراكز العناية بالأظافر.

واستهدف المشروع بشكل رئيسي مساعدة السلطات على فهم كيفية رعاية هؤلاء الأطفال بجمع المعلومات، وإعداد كتيبات للعاملين في هذا المجال، وتوفير مواد مفيدة للأطفال ومقدمي الرعاية.

إن محاولة خلق تعاطف وفهم للمواقف التي يجد الأطفال أنفسهم فيها، سيساعد السلطات على حماية الأطفال بشكل أفضل في المستقبل.

ويبدو أن الدورة التدريبية قد ساهمت في تحسين فهم مقدمي الرعاية، الأمر الذي ساهم بدوره في جعل العلاقة بين الأطفال والقائمين على رعايتهم أفضل كما أوقف ظاهرة اختفاء المزيد من الأطفال.

وتضيف دي جيجليو بأنه كما في حالة ترونغ، فإن الأطفال أكثر عرضة لخطر فقدانهم بعد فترة وجيزة من إيداعهم في مراكز الرعاية. وبعد التدريب، أخبر أحد القائمين بالرعاية المنظمين أنهم أصبحوا قادرين على قراءة سلوك الطفل بشكل أفضل. في الماضي، ربما تعامل القائمون على رعاية الطفل بشكل سلبي الأمر الذي جعل الأطفال يشعرون بأنهم قد تم دفعهم بعيدًا، لكنهم أصبحوا قادرين الآن على رؤية ما كانت تؤدي إليه بعض تلك السلوكيات، ومع مزيد من التعاطف أمكن بناء جسور من الثقة مع هؤلاء الأطفال وتفهم ما يمكن أن يكون قد مر به الطفل.

قطع الصلات

قد يكون لدى العديد من الأطفال الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة ديون تحملوها من رحلتهم وعليهم سدادها، أو أموال تحتاج إليها عائلاتهم وعليهم إرسالها إليهم. تقول دي جيجليو إن أول ما يرغب به هؤلاء الشباب الصغار في القيام به هو العمل، وهو أمر غير مسموح به بموجب قانون المملكة المتحدة. من الممكن أن يدفعهم ذلك إلى أشكال من الاستغلال في العمل والغرق في الديون، ما يجعلهم أهدافًا سهلة لتجار البشر.

تقول دي جيجليو "بهذه الطريقة تتراكم الديون ما يفتح لتجار البشر باباً للسيطرة على هؤلاء الصغار، لكنهم أيضا قد يرون في هذا التاجر الشخص الذي منحهم فرصة"... "من الممكن أن يكون الأطفال على صلة قوية بهذا الشخص لدرجة أنه في اللحظة التي يوضعون فيها تحت الرعاية يرغبون فقط في الهرب. في تلك اللحظة لا يعود هناك ما يمكن القيام به، وسوف يختفي هؤلاء لأنهم تلقوا مكالمة من تاجر البشر فيما هم مضطرون للذهاب والمغادرة".

وتوضح دي جيجليو أن التدريب يهدف إلى تحديد تلك المخاطر المبكرة ومساعدة مقدمي الرعاية على تحسين التواصل.

في حالة أطفال ألبانيا، كان الخطر الأكبر الذي واجهوه هو اقترابهم من بلوغ سن 18 عامًا دون أن يعرفوا كيف سيبدو مستقبلهم. قد تتم إعادتهم في ذلك العمر إلى بلادهم ما لم يتم تنظيم وضعهم، ولهذا فإنهم في ذلك الوقت يكونون معرضين للخطر. لقد حاولنا العمل مع الأطفال والنظر في كيف يمكن أن يبدو مستقبلهم وأن نمنحهم الأمل ".

كان هذا هو الحال مع شاب ألباني أطلقت عليه الجمعية اسم "ميرالم". جاء الشاب من منزل يتسم بالعنف وكان جزءًا من مجموعة من الأقليات في ألبانيا. مُنع ميرالم من الذهاب إلى المدرسة وأجبره والده على العمل. رفض الشاب القيام بذلك فقوبل بالضرب. غادر منزله في الرابعة عشرة "خوفًا من هذا الأب والرجال الذين يدين لهم والده بالمال".

سافر ميرالم إلى المملكة المتحدة في شاحنة ووضع في دار للرعاية وبدأ في الذهاب إلى الكلية. لكن عندما رُفض طلب اللجوء الذي قدمه، شعر بالرعب من إعادته إلى ألبانيا وهرب. وافق على العرض المقدم من رجل ألباني للعمل في غسيل السيارات "وطُلب منه أن يعطي الرجل مستنداته لحفظها". كان يتقاضى خمسة جنيهات استرلينية في اليوم، وحصل على مكان للإقامة. كان ينام على الأرض بمشاركة عشرة أشخاص آخرين في غرفة واحدة. حاول ميرالم مغادرة العمل والمكان لكن الرجل كان يحتفظ بمستنداته وأُرغمه على البقاء. عندما قام أحد العمال باغتصابه، "لم يفكر حتى في الذهاب إلى المستشفى أو الشرطة بشأن هذا الأمر، كل ما كان يخيفه هو أن يعود إلى المنزل وإلى والده".

تدريب إلزامي

يجب أن يكون التدريب إلزاميًا. هذا ما تؤكد عليه دي جيجليو. "يمكن لأي شخص أن يصبح ضحية للاتجار بالبشر. ويحتاج مقدمو الرعاية بصفة خاصة إلى معرفة كيفية التصرف حيال هذا الأمر."

مع نهاية المشروع، تم توفير منشورات ومطبوعات ترجمت إلى الأمهرية والعربية والداري والباشتو وغيرها من اللغات. يقول أحد المديرين الإستراتيجيين إن التدريب ساعد في جسر الهوة مع الأطفال في مراكز الرعاية.

بعد التدريب، تحدث جميع المشاركين عن تحسن كبير في معرفتهم بالأطفال الألبان والفيتناميين وعن أجواء متزايدة من الثقة في تعاملهم مع هؤلاء الصغار غير المصحوبين بذويهم بشكل عام وفي التعرف على احتمالات تعرض هؤلاء الصغار للإساءة والاستغلال. بالنسبة للأطفال الذين تم الاتجار بهم، فإن التجارب التي تعرض لها العديد منهم ستبقى معهم إلى الأبد بحسب جمعية ECPAT.

يقول أحد الناجين: "في بعض الأحيان تهاجمني الكوابيس.. لقد فكرت في الانتحار عدة مرات"، فيما قال آخر: "لقد تغير عالمي الداخلي، والأشياء من حولي لها أصبح لها لون مختلف؛ اكتسى كل شيء بلون رمادي داكن .. لقد سئمت الخوف".

المصدر: ايما واليس/ عماد حسن – مهاجر نيوز

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد