عقلانية الرد مفتاح الخروج من أزمة الرسوم الكاريكاتورية – DW – 2006/2/9
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عقلانية الرد مفتاح الخروج من أزمة الرسوم الكاريكاتورية

دويتشه فيله / وكالات٩ فبراير ٢٠٠٦

لا شك أن الرسوم الكاريكاتورية شكلت استفزازاً غير مقبول، إلا أن مسابقة الرسوم الكاريكاتورية حول المحرقة اليهودية التي أعلنت صحيفة إيرانية عن اطلاقها تنذر بتغييب أبسط مبادئ العقلانية مما يلحق الضرر بمصداقية العالم الإسلامي

https://p.dw.com/p/7xUz
أسلوب التظاهر تعبير عن الإتزان والوسطيةصورة من: AP

أطلقت إحدى الصحف الإيرانية الرسمية مسابقة للرسوم الكاريكاتورية حول المحرقة اليهودية في خطوة جديدة من نوعها للتعبير عن استيائها من الإهانة التي الحقتها الرسوم الكاريكاتورية الدماركية بالإسلام. فصحيفة "همشري" الواسعة الإنتشار، التي تنشرها بلدية طهران، أكدت أنها أطلقت أول مسابقة رسوم كاريكاتورية حول محرقة اليهود، وذلك رداً على نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في صحف أوروبية. وقال المسئول في الصحيفة فريد مرتضوي: "ستكون مسابقة دولية لرسوم حول محرقة اليهود"، موضحاً أن هذه المبادرة رد على الصحف الأوروبية التي أكدت أن الرسوم الكاريكاتورية حول النبي محمد نشرت تحت اسم "حرية التعبير". كما أضاف مرتضوي: "إن الصحف الغربية نشرت هذه الرسوم المهينة بذريعة حرية التعبير. لنرى إذا كانت ستفعل ما تقول، وتنشر أيضاً رسوماً حول محرقة اليهود". وأشارت الصحيفة، إلى أن قطعاً ذهبية ستوزع على 12 رساماً يتم اعتماد رسومهم، وهو ما يتوافق مع عدد الرسوم التي ظهرت في صحيفة "يلاندس بوستن" الدنماركية، التي أطلقت مسابقة لرسومات كاريكاتورية لشخص النبي قبل أن تقوم عدة صحف غربية بإعادة نشر تلك الرسوم، بحجة حرية التعبير والفكر. يذكر أن إيران قطعت جميع علاقاتها التجارية مع الدنمارك بسبب الرسوم الساخرة كما رشق مئات المحتجين السفارة الدنماركية في طهران الليلة الماضية بالحجارة والقنابل الحارقة.

برلين تعتبر مسابقة رسوم المحرقة "استفزازا"

Frank-Walter Steinmeier und Franz Josef Jung
وزير الخارجية الالماني في حديث مع وزير الدفاعصورة من: AP

ومن جانبه وصف وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير يوم أمس هذه المسابقة بأنها "استفزاز" نسبه إلى النظام الإيراني. وقال شتاينماير خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البرتغالي ديوغو فريتاس دو امارال في برلين: "إنكار المحرقة وتدنيس ذكرى الأشخاص المعنيين بهذه الطريقة ليس مجرد سلوك غير لائق بل هو استفزاز"، مؤكدا ان مثل هذه المسابقة غير مقبولة. ومن جهته قال سكرتير الدولة للشؤون الخارجية غيرنوت ايرلر لصحيفة "برلينر تسايتونغ" ردا على سؤال حول المسألة: "هناك ما يدعو للقلق الشديد حين تجعل دولة بهذا الطريقة من "حرب ثقافات" أداة لإرساء سلطتها". كما قال انه "بعد انكار حق إسرائيل في الوجود وحدوث المحرقة، فان اوساط الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد تراهن على التصعيد". كما رأى انه "يحصل احيانا ان يواجه السلوك غير اللائق بسلوك غير لائق أيضا لكن هذه الحالة اشد خطورة لان الحكومة الإيرانية تتعمد تأجيج الخلاف". كما أضاف: "هذا لا يعني اننا نؤيد هذه الرسوم، المسألة تقتصر على اهتمام إعلامي صرف وسيكون الأمر مشابها بالنسبة للرسوم الإيرانية".

توتر في العلاقات الألمانية ـ الإيرانية

Karikaturenstreit - Friedliche Proteste in Thailand
الإحتجاج السلمي سمة العقلانيةصورة من: AP

والجدير بذكره أن العلاقات بين ألمانيا وإيران شهدت توتراً في الآونة الأخيرة بعد ان قارنت المستشارة الألمانية ميركل في خطاب لها أمام مؤتمر ميونيخ للأمن يوم السبت الماضي البرنامج النووي الإيراني بالتهديد الذي كان يمثله النظام النازي في ألمانيا في بداية عهده. وفي هذا السياق قالت ميركل أن حالة من اللامبالاة سادت في دول أخرى قبيل وصل هتلر الى السلطة. وأضافت أمام مجموعة من صناع سياسة الأمن والدفاع "بالنظر الى تاريخ ألمانيا في أوائل الثلاثينيات في فترة صعود الاشتراكية القومية (النازية) كان هناك الكثيرون خارج ألمانيا ممن قالوا ان هذا مجرد كلام ولا داعي للانفعال." وتابعت قائلة: "كانت هناك فترات كان بمقدور الناس فيها أن يتحركوا بشكل مختلف ومن وجهة نظري فان ألمانيا ملزمة بالتحرك في مراحل مبكرة...نريد بل يجب علينا منع ايران من تطوير برنامجها النووي."

مسلمون "معتدلون" يطلقون حملة "من أجل الدنمارك"

Karikaturenstreit - Proteste in Kaschmir
أسلوب التظاهر تعبير عن الإتزان والوسطيةصورة من: AP

لا شك أن هذه الخطوة الإيرانية تزيد إشكالية الرسوم الكاريكاتورية تعقيداً، إلا أنها تأتي في وقت تزداد فيه الدعوات إلى العودة إلى الوسطية والإتزان في التعامل مع أزمة الكاريكاتور قوة. ففي الدنمرك نفسها أعلن مسلمون معتدلون أمس عن عزمهم على إطلاق حملة من اجل هذا البلد في الدول العربية سعيا لحل الأزمة الحالية. وقال فتحي العبد احد مؤسسي "لجنة المسلمين المعتدلين" المتشكلة حديثا أن لجنته تعتزم بث إعلانات في صحف العالم العربي تعطي فيها "صورة ايجابية عن الدنمارك وتروي بطريقة صحيحة" القصة خلف هذه الرسوم. كما أوضح في السياق نفسه أن "الإعلانات ستتناول الوضع في الدنمارك وكون الحكومة هنا لا يمكنها اتخاذ قرار بإغلاق صحيفة وان الملكة لا علاقة لها بما ينشر هنا"، في إشارة إلى دعوة العديد من المسلمين إلى معاقبة صحيفة "يلاندس بوستن" الدنماركية التي كانت أول من نشر الرسوم الكاريكاتورية الـ12 في 30 أيلول/ سبتمبر الماضي قبل أنن تعيد نشرها العديد من الصحف الأوروبية. وقال العبد "هذا أمر قد يصعب فهمه"، بالمقارنة مع الدول العربية حيث الحكومات والأنظمة تسيطر بصورة عامة على وسائل الأعلام. كذلك تعتزم لجنة المسلمين المعتدلين إطلاق حملة رسائل عبر الهواتف النقالة ردا على حملة شنت أخيرا بهذا الوسيلة لبث معلومات تفيد بأنه سيتم إحراق مصاحف في الدنمارك، ما أجج غضب العديد من المسلمين. وتتكفل اللجنة بكلفة نشر الإعلانات كاملة وقد ارتفع عدد أعضائها من بضع مئات السبت إلى اكثر من ألف الثلاثاء.

الوسطية مفتاح الخروج من الأزمة

Karikaturenstreit - Proteste im Iran
على الصحافة العربية تجنب الوقوع في فخ الدعاية الإيرانيةصورة من: AP

بالطبع يحق للمسلمين الإحتجاح والاستياء لإهانة الرسول محمد، إلا أنه لا يحق لهم الربط بين حقائق وقضايا تاريخية لا ترتبط بعلاقة مباشرة مع بعضها البعض. فالحديث عن قضايا سياسية بحتة مثل أخطاء السياسة الخارجية الأمريكية و"خصوصية إسرائيل" أو إنكار حقيقة المحرقة التاريخية كرد فعل على إهانة القيم المقدسة يمثل تغييباً لأبسط مبادئ العقلانية والوعي بالتاريخ وإستحقاقاته. وبعيدا عن أي رغبة في إثارة البلبلة أو تبني سلوك غير منطقي، ينبغي طرح السؤال حول مغزى الخطوة الإيرانية ودوافعها الحقيقية المتمثلة في الرغبة في تأجيج الصراع مع الغرب لتعبئة الشارع الإيراني لمواجهة الضغوط الدولية الممارسة على إيران من أجل إجبارها على التخلي عن طموحاتها النووية. وفي هذا الجو المشحون بعواطف الكراهية والبغضاء ينبغي على الصحافة العربية تبني أسلوب الوسطية العقلانية في التعاطي مع أزمة الكاريكاتور وفتح قنوات الحوار المباشر مع الحكومات الغربية وعدم الوقوع في فخ الدعاية الإيرانية من أجل تجنب تصعيد جديد قد يؤدي إلى صدام حضاري يأتي على حساب التعايش السلمي بين شعوب العالم.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد