تونس: الإعلام البديل والسعي للسيطرة على الرأي العام – DW – 2012/1/28
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: الإعلام البديل والسعي للسيطرة على الرأي العام

٢٨ يناير ٢٠١٢

ساهم الإعلام البديل وشبكات التواصل الاجتماعي في نشر الصور والفيديوهات الأولى للثورة التونسية وإيصالها إلى وسائل الإعلام العربية والأوروبية. وشكل هذا الإعلام، بعد الإطاحة بنظام بن علي، الفضاء الأمثل للتعبير عن الرأي.

https://p.dw.com/p/13s5B
صورة من: AP

دخلت الشخصيات السياسية التونسية على فضاءات التواصل الاجتماعي للتموقع في الساحة السياسية وكسب الأنصار. وقد وجد السياسيون أنفسهم مجبرين على احتلال شبكات الإعلام البديل أمام غياب فرص التعبير عن الرأي في وسائل الإعلام التقليدية من ناحية وللتواصل مع الجمهور العريض من ناحية أخرى. ويقول جمال الزرن، أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار في حديث لدويتشه فيله إن"اعتماد السياسيين على الإعلام البديل هو بالفعل شكل من الأشكال الحديثة للتسويق السياسي المحض والعلاقات العامة" للأحزاب السياسية وبرامجها.

ويضيف الأكاديمي التونسي أن"الحركات السياسية والشخصيات العامة تعتمد وسائل الإعلام البديل لشد الأنصار وذلك بحكم الإقبال المتنامي على شبكات التواصل الاجتماعي، لأننا شئنا أم أبينا فإن الكل في خضم معركة سياسية متواصلة خلال هذه الفترة الانتقالية". ويوضح الزرن أن الاعتماد على الوسائط الجديدة للاتصال، هو "تسويق للزعيم الجديد والقائد والرمز، لأن بن علي ترك البلاد في حالة تصحر سياسي غابت فيه الرموز السياسية".

ويعتبر أستاذ الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار أن لجوء السياسيين إلى الإعلام البديل هو سعي واضح لتشكيل الرأي العام عبر التأثير في الرأي العام الافتراضي، إذ "من البديهي أن تهتم الأحزاب السياسية بهذه الوسائل لتكون حاضرة بقوة". ويرى الزرن أن شبكات التواصل الاجتماعي تختزل اليوم الصراع الإيديولوجي والسياسي الدائر في تونس. ويعتبر أن الشبكات الاجتماعية تشهد تشنجا وبروزا لصراع حاد بين الحركة الإسلامية ممثلة في النهضة والسلفيين وتيارات اليسار والوسط. ويقول إن "شبكات التواصل قد أصبحت فضاء عاما معترف به. ويوفر هذا الفضاء حالة من التعويض عن الفجوة الوسائطية التي عاشها الشعب التونسي للتعبير عن رأيه في كل ما يتعلق بالشأن العام.

NO FLASH Facebook Symbolbild
صورة من: picture alliance / dpa

وتقوم الصفحات القريبة من حركة النهضة الإسلامية بتغطية الأنشطة السياسية لعدد من الوزراء وقيادات الحركة. وترفق هذه الصفحات بالتعليقات المدعمة لمواقف الحركة ولأفكارها. وقد بثت مؤخرا وحصريا زيارة وزير الشؤون الدينية إلى مدينة مكثر التي شهدت إضرابا عاما. كما نشرت فيديوهات للوزير وهو يخطب في المعتصمين ويفك الإضراب والاعتصام. وقامت هذه الصفحات كذلك ببث فيديوهات لزيارة وزير النقل إلى مدينة جربة السياحية ونشرت صور فيديو له وهو يستقل سيارة تاكسي. ووصل الأمر بإحدى الصفحات الاجتماعية إلى تصوير القيادي في حركة النهضة سمير ديلو، وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية، وهو يؤم المصلين في ديوان الوزارة.

الإعلام البديل لمجابهة الإعلام التقليدي

Alternative Medien in Tunesien ziehen Öffentlichkeit an
شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام البديل أكبر تهديد للإعلام التقليديصورة من: Khaled Ben Belgacem

ويقول جمال الزرن إن "علي العريض، وزير الداخلية التونسي، حبّذ الإدلاء بأول تصريح له بعد تعيينه وزيرا للداخلية لقناة تبث على شبكة الانترنت اسمها تواصل على أن يعطي حديثه لقنوات تلفزيونية وطنية". ويرى أن من يقع إقصائهم من وسائل الإعلام التقليدية يلجؤون لصفحات الفيسبوك التي تساهم في إحراج وإرباك الإعلام التقليدي. ويمكن أن يعتبر اللجوء إلى الصحافة البديلة حركة تصحيحية للإعلام الكلاسيكي العمومي. ويضيف "أن لجوء حركة النهضة وكوادرها إلى الإعلام البديل له ما يبرره. فحركة النهضة ظلت لسنوات بل لعقود غائبة عن الفعل السياسي على عكس العديد من التيارات السياسية الأخرى، وهي الآن بصدد البحث عن موقعها في الإعلام التقليدي وذلك من أجل صياغة نخبة تسوق لحضورها السياسي الجديد المربك للنخب التقليدية التي تتغذى من الإعلام التقليدي".

وحسب حسين بن عاشور، رئيس تحرير مجلة ايكوجورنال الاقتصادية، فإن الفرق كبير بين الشبكات الاجتماعية كوسيلة للاتصال ووسائل الإعلام التقليدية. ويضيف بن عاشور في حوار مع دويتشه فيله أنه و"بالرغم من أوجه الشبه الحاصلة من الناحية الإعلامية، إلا أن الشبكات الاجتماعية تفتقد إلى المهنية وتساهم في نشر الأخبار المغلوطة والإشاعات وتعبئة الرأي العام والتلاعب به في بعض الأحيان".

أما وسام التليلي، المدون وصاحب موقع الشاهد الإلكتروني فيؤكد في تصريح لدويتشه فيله، أن اعتماد السياسيين على وسائل الاتصال الاجتماعي، يساهم في نشوء إعلام بديل والارتقاء به إلى نفس القيمة المهنية للإعلام التقليدي. ويضيف أن السياسيين التونسيين فهموا أن الشبكات الاجتماعية وسيلة هامة للتواصل مع المتعاطفين معهم وردا منطقيا على غياب حيادية وسائل الإعلام التقليدية. ويتحدث وسام التليلي عن عمليات شراء لصفحات كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعية من قبل الحركات السياسية لتمرير خطابها السياسي. ويقول إن مقربين من حركة النهضة أطلقوا مؤخرا قناة تلفزية".

Medien in Tunesien ziehen Öffentlichkeit an
وسام التليلي، المدون وصاحب موقع الشاهد الإلكترونيصورة من: Khaled Ben Belgacem

من صفحات الفيسبوك إلى آليات الحوكمة المفتوحة

ويقول محمد الجويلي، مدير المرصد الوطني للشباب خلال ندوة حول "الشباب والشبكات الاجتماعية في سياق الانتقال الديمقراطي" عقدت مؤخرا بتونس أن "ثورة الشريحة"، أسست لمنطق جديد للثورات. ويضيف أن "السياقات التي تعيشها الشبكات الاجتماعية تعد الحكومة والمجتمع إلى تطبيقات الحوكمة المفتوحة. وتكشف آليات الشبكات الاجتماعية للجميع معنى الحوكمة الرشيدة في العلاقة بين الإدارة والأفراد. وتؤسس التجربة التونسية في مجالات الإعلام البديل والشبكات الاجتماعية لتطبيقات الحوكمة المفتوحة".

وقد دافعت الطبقة السياسية الجديدة من وزراء وأعضاء المجلس التأسيسي عن مبدأ المشاركة في الحكم والتقييم والمحاسبة في تطور للممارسة الديمقراطية الناشئة وللتواصل الحديث بين الحاكم والمحكوم بعد الثورة.

وقد تبنت مجموعة من السياسيين ومن أعضاء المجلس التأسيسي مفاهيم "الحوكمة المفتوحة" لتكريس مبدأ الشفافية في الدستور التونسي واعتماد آليات الحوكمة المفتوحة داخل الإدارة. ويطمح أصحاب المبادرة من السياسيين، حسب ما نشره هيثم بلقاسم عضو المجلس الوطني التأسيسي على صفحته على الفيسبوك، إلى تمكن الصحافة والمواطنين من متابعة عمل اللجان ونشر محاضر وتقارير المجلس. ويؤكد النائب بلقاسم لدويتشه فيله "أن للتونسي اليوم الحق في معرفة كيف يعمل النواب الذين انتخبهم في مجال كتابة الدستور وكيف يحافظون على مستقبل تونس على أسس صحيحة".

وحول الحوكمة المفتوحة التي ينادي بها بعض السياسيين، يقول حسين بن عاشور، رئيس تحرير مجلة ايكوجورنال، أن الأمر لا يزال بعيد المنال، إذ قبل المطالبة بالحوكمة المفتوحة على الوزراء والسياسيين تطبيق القانون المتعلق بالمعطيات المفتوحة (Open data) الذي يمنح الحق للمواطن في بلوغ المعلومة. ويشير بن عاشور إلى أن الوزارات تقوم بنشر ما يخدم صورة الوزير والحكومة والأحزاب المتحالفة وليس ما يجب عليها نشره من معطيات ودراسات.

خالد بن بلقاسم ـ تونس

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد