بداية متعثرة للحكومة الألمانية على صعيد إصلاح العلاقات مع واشنطن – DW – 2005/12/8
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بداية متعثرة للحكومة الألمانية على صعيد إصلاح العلاقات مع واشنطن

قضية اختطاف المواطن الألماني من اصل لبناني من قبل الـ CIA ونقلها لمعتقلين عبر الأراضي الألمانية ووضعهم في سجون سرية بدون محاكمات أو تهم تتفاعل على مختلف المستويات وتلقي بظلالها على العلاقات المستقبلية عبر الأطلسي.

https://p.dw.com/p/7aPP
احدى الطائرات المستأجرة من قبل وكالة الاستخبارات الامريكيةصورة من: AP

أخذت قضية اختطاف المخابرات المركزية الأمريكية للمواطن الألماني من اصل لبناني، خالد المصري، تتفاعل على مختلف المستويات السياسية الألمانية وتحديدا بعد أن نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريرا بان وزير الداخلية الألماني السابق اوتو شيلي كان على علم من السفير الأمريكي في برلين بشان المصري، وبأنه التزم الصمت بناء على طلب الدبلوماسي الأمريكي. وألقت قضية المصري بظلالها على العلاقات الألمانية الأمريكية التي لم تتعافى بعد على اثر رفض برلين المشاركة في الحرب على العراق. على الجانب الموازي انتقلت القضية الى أروقة القضاء كأول قضية من نوعها تحظى بمتابعة واهتمام منظمات حقوقية وإنسانية باعتبارها شاهد حي ملموس على ممارسات المخابرات المركزية الأمريكية، أما الإدارة الأمريكية فإنها مازالت ترفض الاعتراف بارتكاب أجهزة مخابراتها أية أخطاء.

هل تليق هذه الممارسات بالقوة العظمى؟

Condoleezza Rice bei der NATO
رايس ورحلة اصلاح العلاقات في الناتوصورة من: AP

تتكشف يوما بعد يوم فضائح الإدارة الأمريكية في مجال حقوق الإنسان الى الحد الذي صارت فيه قدوة الديمقراطية وراعية حقوق الإنسان مثلا سيئا. ففي ظل الحرب على الإرهاب أصبحت الكثير من الأساليب المخالفة للمعاهدات الدولية والمنتهكة لحقوق الإنسان أمرا اعتياديا من قبل القوة العظمى. وأصبح المبدأ الذي كان يعتقد يوما أنه لا يمكن انتهاكه، والمتمثل في الحق الأصيل للإنسان في السلامة الجسدية والكرامة، ضحية للحرب على الإرهاب، وذلك حسب تعبير المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة لويز أربور، التي ذكرت على وجه الخصوص اثنتين من الممارسات وهما احتجاز السجناء في مراكز اعتقال سرية، وتسليم المشتبه فيهم إلى دول لا تحترم حقوق الإنسان. قضية المواطن الألماني من اصل لبناني، خالد المصري، إن ثبت صحتها، ستكون دليلا جديدا على صور انتهاك الولايات المتحدة لحقوق الإنسان تحت مبرر الحرب على الارهاب. يذكر ان المخابرات المركزية الأمريكية قامت في عام 2004، حسب رواية المصري، باختطافه من مقدونيا الى أفغانستان ومارست معه إشكال وحشية من التعذيب الجسدي والنفسي قبل إن تكتشف انه الشخص غير المطلوب وتطلق سراحه.

أول تحد لحكومة ميركل على المستوى الداخلي....

Otto Schily
وزير الداخلية السابق اوتو شيلي, هل تحفظ على القضية؟صورة من: AP

كون المصري مواطن ألماني بدأت قضيته تتخذ أبعادا مختلفة على الساحة السياسية الألمانية على أعلى المستويات. بل إن الأمر بات يشكل تحديا لحكومة ميركل الجديدة على المستويين الداخلي والخارجي. وزادت الضغوط بعد أن كشفت صحيفة "واشنطن بوست" ان مسؤولين ألمان أحيطوا علما بقضية المصري ولكنهم تكتموا عليها. هذه المعلومات الصحفية دفعت كتل المعارضة في البرلمان الألماني إلى متابعة الموضوع والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق ـ على المستوى الأوروبي إن أمكن ـ حسب تعبير نائبة رئيس البرلمان سوزانا كاستنر، كما تضغط المعارضة الألمانية على الحكومة من اجل تقديم توضيح رسمي بهذا الشأن، مهددة بتحويل وزيري الداخلية والخارجية السابقين الى الادعاء العام وإجبار وزير الخارجية الحالي فالتر شتاينماير على الاستقالة لعلمه عندما كان يشغل منصب رئيس مكتب المستشار السابق جيرهارد شرودر بالمسالة من خلال رسالة بعث بها محام المصري حينها الى مكتب المستشار. وتتهم المعارضة ميركل بالإخفاق في الحصول على ردود واضحة من رايس بشأن المصري والسجون السرية والرحلات الجوية لطائرة المخابرات الأمريكية التي تحمل معتقلين بتهم الإرهاب عبر الأراضي الألمانية. الى ذلك أثارت القضية غضب الشارع الألماني تجاه واشنطن وهو ما سيشكل ضغطا أخرا على ميركل.

العلاقات مع واشنطن

Condoleezza Rice in Berlin Angela Merkel
سؤ فهم بين برلين وواشنطن؟صورة من: AP

وعلى مستوى السياسة الخارجية لحكومة ميركل خيمت قضية المصري والسجون السرية للمخابرات الأمريكية في أوروبا على أول زيارة لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس بعد تشكيل الحكومة الجديدة وأول لقاء لها مع المستشارة الجديدة. بل انه قاد الى تبادل الاتهامات بين الطرفين حول ما اعتبر سوء فهم وهو ما يعني إن محاولات إعادة الدفء الى العلاقات بين برلين وواشنطن قد تصاب بالتعثر على خلفية هذه القضية وقضية استخدام الأراضي الألمانية كمحطات عبور لطائرات المخابرات الأمريكية التي تحمل سجناء متهمين بالإرهاب. وألقى الخلاف بظلاله على الاجتماع الذي استهدف إظهار أن الولايات المتحدة وألمانيا نجحتا في حل خلافاتهما على خلفية الحرب على العراق. الخلاف افسد أول جهود دبلوماسية لميركل عبر المحيط الأطلسي منذ توليها السلطة. يذكر أن المستشارة الألمانية كانت قد ذكرت في مؤتمر صحفي بعد اجتماعها مع رايس بان الولايات المتحدة اعترفت بأنها ارتكبت "خطأ". غير أن مسؤولين امريكين بارزين نفوا أن تكون رايس قد اعترفت بذلك واعتبروا تفسير ميركل لهذا الأمر مستقى من تقارير إعلامية وليس عبر قنوات رسمية، معربين في الوقت ذاته عن عدم معرفتهم لما كان "يدور في راسها" في إشارة الى ميركل، وان كانوا قد اقروا بان أمريكا أبلغت ألمانيا بشأن احتجازه وإطلاق سراحه غير إنها ـ أي أمريكا ـ لم تقل إن هذا كان خطأ. لكن الحكومة الألمانية أكدت مجددا تمسكها بتصريح المستشارة.

القضية أمام القضاء الأمريكي

George Tenet CIA Chef
هل كان تينيت الملاح الذي يوجه خطوط طائرات نقل المعتقلين؟صورة من: AP

وأقام المصري دعوى قضائية ضد جورج تينيت المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومسئولين آخرين بالوكالة لسجنه المزعوم بطريق الخطأ وتعرضه للتعذيب في تحد قانوني نادر الحدوث لنقل الإرهابيين المشتبه بهم سرا الى دول أجنبية لاستجوابهم. أقام الدعوة نيابة عن المصري اتحاد الحريات المدنية الأمريكي أمام محكمة اتحادية. وجاء في الدعوة إن مسئولي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية انتهكوا القوانين الأمريكية والعالمية لحقوق الإنسان. موقعنا حاول الاتصال بمحامي المصري، غيران مكتبه في ولاية ميونخ الألمانية أفاد بأنه في الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة القضية ولم يتسنى لنا الاتصال به. من جانبه اعتبر مصدر في السفارة السفارة اللبنانية في برلين، في اتصال مع موقعنا، بان القضية تخص مواطن ألماني يعيش على الأراضي الألمانية ويخضع لقوانينها وان السفارة ليس لها علاقة بالموضوع كما أن المصري نفسه لم يلجا لها، حسب تعبير المصدر الدبلوماسي اللبناني. ولعله من حسن حظه انه لا يحمل جنسية إحدى الدول العربية والا فان معاناته ستكون مضاعفة!

د. عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد