العمالة الوافدة إلى ألمانيا وأوروبا: صعوبات وتحديات – DW – 2006/4/8
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العمالة الوافدة إلى ألمانيا وأوروبا: صعوبات وتحديات

دويتشة فيلة٨ أبريل ٢٠٠٦

تأخذ قضية الهجرة والاندماج حيزا كبيرا من النقاش في المجتمعات الأوروبية، وخاصة في ألمانيا، التي ينظر بعض مواطنيها بتوجس إلى العمالة المهاجرة. أما الحكومة فتسعى إلى وضع آليات وضوابط جديدة لاستقطاب الأيدي العاملة من الخارج.

https://p.dw.com/p/8CGk
مشهد لطالبي الهجرة أمام أحد مكاتب شؤون الأجانب الألمانيةصورة من: dpa

تشكل العمالة المهاجرة عنصراً هاماً من عناصر الاقتصاد العالميّ، إذ تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 86 مليون عامل مهاجر وفدوا إلى بلدان مختلفة للعمل فيها، إلا أنّ هذه العمالة المهاجرة سرعان ما تصطدم في البلدان المضيفة لها بأنواع مختلفة من التمييز سواء أكانت على مستوى الأجور التي يتقاضونها أم النظرة العامة إليهم من توجس وخيفة، إذ تتجلى مبررات هذا الخوف بعيون المواطنين الأصليين بأنّ العمال المهاجرين يحتلون وظائفهم وكذلك التخوف من تفريغ المؤسسات ومراكز العمل من عمال البلاد الأصليين. ولا شك أنّ هذه القضية في هذه الدول ترتبط بقضية التركيبة السكانية وقضية البطالة وإعادة الهيكلة السياسية والاجتماعية والثقافية لهذه الدول.

مشكلة العمالة المهاجرة

Integration Religion Islam in Berlin
مشهد لعمال مهاجرين مسلمين في أحد المساجد في ألمانياصورة من: AP

تثير مشكلة العمالة المهاجرة نقاشا سياسيّا واجتماعيّا في الدول الأوروبيّة الغربيّة عامة وألمانيا خاصة، إذ يرتبط هذا الجدال والنقاش بالعامل الديموغرافي في ضوء التناقص المتزايد لأعداد السكان وانعكاس ذلك على حجم النشاط الصناعيّ والاقتصاديّ والدخل القوميّ والفرديّ. ففي تقرير لمنظمة العمل الدوليّة بشأن الآثار والتبعات المترتبة على ذلك تبيّن أنّ معدل دخل الفرد في الخمسين السنة القادمة سينخفض إلى 78 بالمئة من نسبة الدخل الحالي للفرد. ولذلك يرى هذا التقرير بضرورة محاربة أشكال التمييز ضد العمال المهاجرين وإقامة علاقة تكامليّة بين الشريحة المهاجرة والسكان الأصليين في مجتمع متعدد الثقافات يستند إلى الاحترام المتبادل والتسامح الثقافيّ والفكريّ. هذه العوامل دفعت بالساسة والمخططين إلى إعادة النظر في سياسات استقبال العمالة المهاجرة وآليات استقطابها وتوجيهها.

ويرى جيرون دوميرنك من معهد الدراسات الإثنية والهجرة أنّ أوروبا ستبقى بحاجة إلى العمالة المهاجرة سواء علا مستواها التعليميّ أم انخفض من مزاولة للأعمال البسيطة من تنظيف وخدمات عامة. وفي هذا الصدد فإنّ بعض الدول الأوروبية كألمانيا وهولندا تبدي حساسية من ذلك بحكم تجربتها التاريخية على عكس ما هو الأمر في دول أخرى كبريطانيا مثلا. إذ يرى دوميرنك أنّه منذ الثمانينيّات من القرن الماضي سجلت البطالة نسبا عالية بين المهاجرين وأنّ الأمر قد طال التحصيل الدراسيّ لأبنائهم أيضا. الأحزاب السياسية تدعو إلى تبني سياسات وآليات محددة في عملية استقدام العمال الأجانب. إذ يرى أوميد نوربيور من حزب الخضر أنّ الحل يكمن في تنفيذ سياسة منظمة ومحددة للعمالة الوافدة يمكن أن تساهم في حل المشكلات التي واكبت عمليات الهجرة من اندماج ولغة وغير ذلك. فهو يرى أنّ تطبيق نظام النقاط حسب المؤهلات في هذا المجال يمكن أن ينظّم عملية الهجرة. إنّ اتّباع مثل هذا النظام يجعل استقطاب العمالة الوافدة عملية مقننة ومدروسة وممنهجة تتيح الفرصة للمؤهلين للقدوم وتغلق الباب أمام غيرهم.

العمال العرب بين الاندماج والانعزال

Türken in der EU
نساء مسلمات يتسوقن في أحد المتاجر الألمانيةصورة من: AP

ما زال ينظر إلى المسلمين عامة والعرب خاصة على أنّهم تقوقعوا داخل مجتمعاتهم الخاصة بهم بعيدا عن التواصل الحقيقي مع المجتمع الألمانيّ والتفاعل مع الثقافة الألمانيّة، الأمر الذي انعكس سلبا على صورة العرب والمسلمين، إذ أنه من الملاحظ أنّ أمواج الهجرة العربية الأولى إلى ألمانيا كانت تنحصر في العمل في الصناعات الثقيلة كصناعات الفحم والصلب والسيارات وقد استوطن القسم الأكبر منهم بالقرب من هذه التجمعات الصناعيّة الكبرى في غرب البلاد وجنوب غربها لا سيّما في منطقة الرور ومدنها الصناعية مثل دورتمند وبوخوم على سبيل المثال. ويلاحظ أنّ النمو الاقتصاديّ قد لعب دورا كبيرا في عملية الاندماج، ففي الستينيّات والسبعينيّات مثلا يبدو أنّ العرب كانوا أكثر اندماجا من مهاجري ووافدي اليوم وذلك لتدني فرص العمل وتراجع معدلات النمو الاقتصاديّ فيالوقت الراهن. وبالرغم من ذلك فإنّ هناك فئة عريضة من الشباب العربي الذين تلقوا علومهم في ألمانيا يحتلون مراكز متقدمة في ميادين مختلفة من طبيّة وأكاديميّة وغيرها. فقد استطاعوا أن يقيموا جسرا من التواصل بين الثقافة الشرقية والغربية من خلال المحافظة على هويتهم الإسلامية والثقافية والاندماج مع المجتمع الألمانيّ. إلا أنّ هذ لا يمنع من وجود نماذج ضربت على نفسها سياجا من العزلة وأصبحت رهينة لأفكار ورؤى لا تخدم صورة الإسلام و القضايا العربية.وكذلك يمكن القول أنّ مسائل الاستيعاب والاندماج تبقى من أكثر الأمور جدلا في الساحة الألمانيّة الداخليّة.

التجربة الألمانية

Vietnamesische Gastarbeiter in der DDR
عمال آسيويين في ألمانياصورة من: dpa

وتسعي الحكومة الألمانية إلى زيادة معدلات الهجرة، إلا أنها تصطدم بمعوقات إدارية تحول دون تسريع وتفعيل عملية الهجرة المؤهلة. إذ ترى ميشالوفسكي، الباحثة في شؤون الهجرة في جامعة اوسنابروك أنّ عملية التنجس ازدادت صعوبة بحكم اختبار التجنس الذي قد يشكل خطراً حقيقياً على هذه الزيادة و معدلات الهجرة. ولكن من الواضح أن الحكومة الألمانية تعتبر التجنس رافدا مهما من روافد الزيادة السكانية، كما أشار قانون الهجرة الصادر عام 2000.

النموذج الألماني في مقابلة النموذج الأمريكي

إذا كانت مشكلة الهجرة وتبعاتها تثير زوبعة سياسيّة واجتماعيّة في ألمانيا فإنّ الأمر يبدو مختلفا في الولايات المتحدة الأمريكية التي تبقى القبلة الأولى للمهاجرين، إذ لا تحتل هذه النقاشات مساحة واسعة في الرأي العام الأمريكيّ بعكس ما هو عليه الحال في أوروبا. ووفقا لبيانات مركز دراسات الهجرة في واشنطن فإن الولايات المتحدة تستقبل 5 مليون مهاجر كل عام. ونصيب ألمانيا قرابة 220.000 مهاجر سنوياً. وقياساً إلى نسبة عدد السكان في البلدين، فإن ألمانيا تستقبل ما يعادل نصف المهاجرين للولايات المتحدة سنوياً.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد