التمدد الجغرافي للقاعدة – DW – 2012/5/24
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التمدد الجغرافي للقاعدة

٢٤ مايو ٢٠١٢

يرى جاسم محمد أنه رغم تراجع وضعف تنظيم القاعدة لكنها مازالت نسبيا أكثر انتشار وجاهزية لتتحول إلى أيدلوجيا متطرفة بقتل من يخالف فرض خلافتها الإسلامية الافتراضية ألإرهابية الإقصائية.

https://p.dw.com/p/151mA
صورة من: picture alliance/dpa

القاعدة بين أفغانستان وباكستان

تجاورمنطقة وزيرستان/ باكستان أفغانستان من جهتها الشمالية الغربية ، وهي منطقةجبلية ، وتعتبر جزءا من المناطق القبلية التيتديرها الحكومة الفيدرالية .أصبحت المنطقة جزءا من باكستان عام 1947 ، مع التمتع بحكم شبه ذاتي بموجب اتفاق بين القبائل المحلية والحكومة ويقدر إجمالي سكان المنطقتين بنحو 1.2 مليون نسمة.

وشهدت وزيرستان اشد الضربات الجوية وخاصة طائرة بدون طيار / عمليات درون وكان تنظيم القاعدة يستغل هذه المنطقة ليس كمعسكرات فقط بل منطقة تمدد مابين البلدين مستفيدة من جغرافية المنطقة. هذه المنطقة كانت ايضا مجس وباروميتر العلاقات الأميركية الباكستانية التي كانت تخضع للتجاذبات ولم تكن قيادات القاعدة بعيدة عن تلك العلاقة .

تظل وزيرستان هى الحاضن ومصنع تفريخ للقاعدة ، منذ إنسحاب المقاتلين العرب من أفغانستانومعهم مجموعات مقاتلة مختلفة . وفى السابع من ديسمبر 2001 انتهت الحرب الأمريكيةباحتلال الأمريكيين لقندهار وبهذا طويت صفحة القاعدة القديمة من الجيل الأول ليصبح دوره رمزيا أكثر من الميدان ، ليبدأ جيل ثان للقاعدة و فروع محلية تشرف على تدريبها .

القاعدة بين الصومال واليمن

تمثل الصومال بيئة ملائمة لتدريب الإرهابيين، وتوفير ملاذ آمنلقياداتهم لسبب عدم وجود سلطة فعالة تسيطر على كافة الصومال ،بالإضافة إلى الحملة الأمنية لمطاردة القاعدة التي تنفذها أجهزة مكافحةالإرهاب في اليمن والعراق وأفغانستان، والضربات الجوية التي تعرضت لها هناك ، والتي قتل خلالها عدد من قيادة ومقاتليتنظيم القاعدة.وتفتقر الصومال إلى سلطة مركزية منذ سقوط نظام الرئيس سياد بري العام1991 وتشهد البلاد منذ عقود عدم استقرار سياسي وتدهورا امنيا وخصوصا فيمقديشو.

يعود تأسيس حركة الشباب الصومالية إلى سنة 2004، وقد ظلت الحركة توصف في البداية بأنها الجناح العسكري للمحاكم الإسلامية حتى سنة 2007 غير أن هزيمة المحاكم أمام مسلحي الحكومة الصومالية ، كانت سببا وراء انشقاق حركة الشباب الصومالية عن المحاكم متهمة إياهابالتحالف مع بالتخلي عن" الجهاد في سبيل الله ." وكان تنظبم الشباب قد أعلن في سنة 2009 ولاءه لتنظيم القاعدة في شريط مصور.

وهناك، مخاوف إقليمية ودولية بشأن العلاقة بينها وبين فرع تنظيم القاعدة في شبهجزيرة العرب، وخاصة في اليمن، ويعتقد أيضا أن هناك من بين المقاتلين الأجانب في صفوف الشباب مقاتلين من أصول يمنية وأجانبفي الصومال ، لتقديم خبرات التدريب .

تعتبر سواحل اليمن الممتدةقبالةالقرن الإفريقي جغرافية طبيعية للامتداد مع الصومال حيث الحرب الدائرة بين حكومةشيخ شريف وشباب المجاهدين مما ييسر التنسيق وتبادل التدريب وتقنيات التسليحمابين التنظيمات.

كما أن الظروف السياسية لليمن قد عززت من تغلغل القاعدة في الفراغ الذي خلفته الدولة في عدة مناطق.

يقول محللون صوماليون إن العلاقات التاريخية والجغرافية بينالصومال واليمن تحتم وجود هذه العلاقة ما بين المقاتلين في الصومال واليمن،أما خاصرة اليمن / خليج عدن يمكن أن يكون معبر للتنظيمات من وإلى اليمن. وقد أعلنت حركة الشباب الصومالية مرارا عزمها لإرسالمقاتلين إلى اليمن لمناصرة مقاتلي تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية.

وعقدَت بريطانيا مؤتمرها حول الصومال في لندن في 23 من فبراير/ شباط 2012 بهدف مواجهة الخطر الذي تشكله قضية الصومال وتداعياتها الأمنية والسياسيةعلى القرن الإفريقي والعالم بعد عشرين عاما من النسيان الأميركي/البريطاني للصومال منذ انهيار الحكم سنة 1991 .

القاعدة مابين السعودية واليمن

ظهر تنظيم القاعدة على الساحة السعودية لأول مرةفي مايو عام 2003 بالمملكةبعد أن تبنى مسؤولية سلسلة من الهجماتالمتزامنة استهدفت ثلاثة مجمعات سكنية يقطنها أجانب فى الرياض.

يمثل موقع اليمن الجغرافي ميزة إضافية ،حيث يشترك مع السعودية في حدود طويلة تمتد لأكثر من 1500 كلم ، مما يصعبمراقبتها من الجانبين ويسهل عملية اختراقها لتنفيذ عمليات مسلحة في الأراضيالسعودية ثم العودة إلى اليمن . و أعلن في يناير 2009 عن توحيد تنظيميّ القاعدة فياليمن والسعودية تحت مسمي "القاعدة في الجزيرة العربية" وتحت إمرة أبو بصيراليمني ونائبه أبو سفيان الشهري . ساهمت الحملة التي تشنها الولايات المتحدة علي معاقل القاعدة في باكستان و أفغانستان و العراق على تمدد لقاعدة باتجاه اليمن.

تعد اليمن بالنسبة للقاعدة موقع إستراتيجية ، فهي تمثل بيئة جغرافية وعرة تتميز بوجود جبال كما أن البيئة الديموغرافية لليمن تعد بيئة حاضنة من حيث قوة القبلية وانتشار الفكر السلفي بالإضافة إلى انتشار السلاح . أن فرع القاعدة فى جزيرة العرب واليمنظلت هي الأقرب الى نمط تفكير بن لادن نظرا لأن الغالبية منهم تدربوا في معسكرات القاعدة في أفغانستان .

ووصف الكاتب عرفات مدابش اليمن في إحدى مقالاته قائلا : " أن محافظةمأرب هي الند لوزيرستان وليست هناك طبعا فوارق كثيرة بين المنطقتين ربماباستثناء أن الناس في مأربستان يمضغون القات". أما مأربوالجوف وزنجبار ورداع وشبوة وغيرها مؤهلة لتكون حواضن للقاعدة بسبب الفقر وغيابالدولة .

أما تنظيم أنصار الشريعة فقد ظهر مع تصاعد ثورة التغيير الشعبية في اليمن مطلع عام 2011 ، إن شعور تنظيم القاعدة بغياب تأثيره على القبيلة اليمنية دفعه إلى اللجوءإلى اعتماده العمل الشعبوي بدلا من العمل النخبوي الذي يتضمن الأعدادوالتدريب والمبايعة لولي الأمر لتحبيب الناس بالشريعة في المناطق التيتسيطر عليها القاعدة مستفيدا من الفراغ السياسي ودور القبيلة في المجتمع وفيالمؤسسة السياسية . و يعتبر تنظيم القاعدة في اليمن هو الأخطر إقليميا وسطتراجع التنظيم المركزي

استهداف القاعدة لمحافظة أبين لأنها حلقة وصل

العمليات الفردية الأخيرة كانت تجير لتنظيم اليمن وليس للتنظيم المركزي ومنها تمكن عميل مزدوج مابين القاعدة والمخابرات المركزية خلال هذا الشهر مايس/ أيار 2012 من الحصول على قنبلة أعدت لتفجير إحدى الطائرات الأميركية والتي كانت لا تحتوي على مواد معدنية ويصعب كشفها وتعتبر أكثر تطورا من تلك القنبلة التي فشل بتفجيرها المواطن النايجيري فاروق عبد المطلب في أعياد ميلاد سنة 2009 على متن إحدى الطائرات الأميركية المتوجهة من أمستردام إلى ديترويت .

رغم الضجة الإعلامية التي أحدثتها الولايات المتحدة إعلاميا باستضافة عدد من المعنيين في شؤون الاستخبار ومكافحة الإرهاب بينهم رئيس لجنة الاستخبارات في الكونغرس وعملاء سي اي اية وكذلك خصصت كرستيان امان بور برنامجها على " ال سي ان ان " لذلك الحدث ، رغم أن العملية تبوب في خانة العمل ألاستخباري المحدود أكثر من غيره . وقد وظفت الإدارة الأميركية العملية إعلاميا في ذكرى مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن ، بهدف شحن الرأي العام الأميركي باتجاه مكافحة الإرهاب.

وفي هذا السياق عقد مركز سبأ للدراسات حلقة دراسية ونشرها الكاتب نزار العبادي على مركز الإعلام التقدمي في صنعاء يوم السابع من مايس 2012 تحت عنوان: "أسباب التوسع المتنامي لنشاط تنظيم القاعدة في محافظة أبينوالسيناريوهات المستقبلية "، والذي ذكر فيها : " إن موقع محافظة أبين الاستراتيجي المتمثل بمساحتها وتضاريسها وموقعهاالجغرافي الساحلي يسهل عملية تهريب الأسلحة والمقاتلين وخاصة من الصومال ،وكذالك استخدام الصومال كممر لوصول عناصر تنظيم القاعدة من الدول الأخرى إلىمحافظة أبين ، كما لعبت المساحة الشاسعة وتنوعها والتضاريس الجبلية وقلة عددسكان دوراً في اختيار تنظيم القاعدة المحافظة أبين".

وأكد أيضاً أن من أسباب استهداف القاعدة لمحافظة أبين كونها تمثل حلقة وصل بين شبوة والبيضاء ولحج عدن ومدخل أساسي لمحافظة عدن .وجاء اختيار مدينة حطاط وجعار والمحافظات لجنوبية لنشاط القاعدة لتكون مصدر تهديد لباب المندب الذي يعتبر احد الممرات البحريةالإستراتيجية لحركة التجار العالمية.

اليمن: تعبئة إعلامية واسعة لصالح القاعدة

ورغم انتخاب عبد ربه هادي رئيسا جديداً لليمن وتشكيل حكومة وفاق وطني إلا أن الملف الأمني يمثل أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة والأصعب في وجه حكومة هادي الذي تم تنصيبه نهاية شهر شباط 2012 .

رغم عمليات تحرير لمناطق في أبين وانتصارات ألجيش اليمني ، لكن القاعدة بدأت منذ ثلاثة أسابيع بعمليات انسحاب تكتيكي لقادتها وبعض مجاميعها الفاعلة واعادة انتشارها تدريجيا في شبوه ومأرب والبيضاء ولحج والمكلا ووفقا لمصادر امنية رفيعة من داخل اليمن رفضت الإفصاح عن هويتها ، تؤكد تسلل خلايا من القاعدة الى العاصمة صنعاء وتعز وعدن وتتوقع ان تحاول القاعدة تنفيذ عمليات نوعية في هذه المدن بهدف تشتيت تركيز الامن والجيش، وتخفيف الضغط عن مجاميعها الكبيرة المتواجدة في مناطق مختلفة من ابين.

المشكلة الأكبر التي تواجهها اليمن هي ان هناك تعبئة إعلامية واسعة لصالح القاعدة وتحرض الناس على الدولة "الجيش والأمن" باعتبار أنهم "يتلقون أوامرهم من أمريكا لقتل ابناء شعبهم المسلمين المجاهدين" تمهيدا لاحتلال اليمن .

أما وزارة الداخلية - وزيرها من الإسلاميين- استغلت المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن 2014 بخصوص إطلاق سراح المعتقلين على ذمة الأزمة "الثورة" وقامت بالإفراج عن الكثير من العناصر المتورطة بإعمال إرهابية.

وتستغل القاعدة في اليمن مفهوم الديمقراطية والتظاهرات في حلحلة النقاط الأمنية القوية في اليمن وذلك من خلال إرسال مجموعة شباب حاملين لافتات يطالبون بتغيير قائدها أو يتهمونها بأي شيء والحكومة تستجيب لمطالبهم على الفور . ويلعب الإعلام اليمني المحلي الذي يخضع لسيطرة إحدى دول الجوار دورا بالتستر على الحقائق ودعم تنظيم القاعدة والمجموعات المسلحة من اجل خلق الفوضى داخل اليمن وإبقاؤه ضعيفا أو حديقة خلفية.

القاعدة بين سوريا والعراق

انسحبت القاعدة من العراق باتجاه منابعها الأصليةوما تبقى من القاعدة في العراق هي فصائل عراقية ومنها " دولة العراق الإسلامية " التي كانت ولادتها خارج رحم التنظيم المركزي لمواجهة رفض الحواضن السابقة . قوات الأمن والجيش العراقية لم تستفد من مصادر المعلومات الأمريكية بعدانسحاب القوات الأمريكية فلم تعد هناك صور جوية، ولا طائراتاستطلاع ، ولا عمليات فنية تعرضية ، مثلما يحصل في باكستان واليمن من تعاون استخباري .

أما اسم "جند الشام" في سوريا فقد برز كتنظيم مثيرا علامات استفهام وتساؤلات حول أهدافه وهيكليته وخصوصا بعد اشتباكات مخيم عين الحلوة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2005

لقد استطاع تنظيم القاعدة / تنظيم بلاد الشام توظيف الجغرافية لصالحه مابين العراق وسوريا والتي كانت ولا تزال معبرا من والى البلدين لتنظيم القاعدة ، واستفاد تنظيم القاعدة في العراق من الجغرافية محليا أيضا عندما تمدد في المنطقة الغربية من محافظة الانبار الى ديالى والموصل وهذا ما سهل عليه إدارة معسكرات التدريب و الحركة والتنقل مستغلا التضاريس الصعبة للمنطقة وبعد الرقابة وهو ذات الأسلوب الذي اتبعه في دول تواجده الأخرى منها اليمن وباكستان وأفغانستان والصومال.

ويرى بعض المراقبين ان احتمالات انهيار النظام السوري قد يوسع امتداد القاعدة مابين بلاد الشام والعراق، ويزيد من الفوضى ، وهو ما دفع بعض القادة السياسيين في العراق الى تغيير تصريحاتهم تجاه النظام في سوريا .

لقد تعددت أنواع وأشكال العنف في العراق وسط شراكة سياسية بائسة أدخلت العراق في دوامة العنف والدمار،والفراغ السياسي والأمني كان ومازال إحد عوامل ذلك العنف ،رغم رحيل القوات الأميركية العام الماضي .

إن ما يحدث في العراق وأفغانستان واليمن والصومال هو ذات المشهد المستنسخ تشابهت فيه القوى والأطراف الداخلية والخارجية والعوامل، رغم اختلاف المكان.

جاسم محمد

مراجعة ملهم الملائكة