قصة شقيقتين لاجئتين.. نضال في أوروبا واشتياق لسوريا – DW – 2017/5/15
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قصة شقيقتين لاجئتين.. نضال في أوروبا واشتياق لسوريا

١٥ مايو ٢٠١٧

تتسم حياة كثير من الفتيات والشباب الناشئين عادةً بمشاهدة الأفلام والرقص وقضاء الوقت مع أصدقاء المدرسة، ولكن ماذا يحدث حين تغير القنابل والمعارك المسلحة أحد الأماكن المألوفة والودودة للناشئين إلى بيئة معادية؟

https://p.dw.com/p/2cku8
Syrian Kinder Smartphone
صورة من: picture alliance/dpa/K.Abu Jaafer

سارة مثل كل فتاة ناشئة أخرى. فهي تحب التحدث عن عائلتها وأصدقائها ومشاهدة أفلام هوليوود. وتقول إن فيلم "ما تخبئه لنا النجوم" (واسمه أيضاً: الخطأ في أقدارنا) هو فيلمها المفضل، وهو فيلم رومانسي يحكي قصة مريض مصاب بالسرطان يبلغ من العمر 16 عاما. تتحدث سارة (عمرها 17 عاما) عن أحد مشاهد الفيلم، وفيه تذهب بطلة الفيلم هازل لانكستر إلى موعد غرامي تقابل فيه لاعب كرة سلة سابق -أحد أطراف جسده مبتور- واسمه أوغستُس ووترز. تريد سارة الاستمرار في الحديث عن الفيلم لكنها تتذكر فجأة أنها قد أعارت إحدى صديقتها في سوريا نسختها من رواية الكاتب جون غرين التي يقوم عليها الفيلم، ثم تبدأ الحديث عن الحياة في وطنها، سوريا.

 الحياة في سوريا

في دمشق عاشت سارة حياة طبيعية نسبيا مع والديها. والدها مدرس لمادة الأحياء ومدير مدرسة. أما أمها فقد كانت تعتني بشقيقتيها وأخيها. كانت سارة تذهب إلى المدرسة وفي المساء كانت كثيرا ما تلتقي بصديقاتها أو تذهب إلى دروس رقص الزومبا. لكن كل ذلك تغير حين بدأت الحرب في عام 2011. فقد تم تدمير منزل العائلة وانتقلت سارة مع والديها وأشقائها إلى مكان آخر في المدينة. وازداد الوضع صعوبة، لأن العائلة لم تتمكن من مغادرة المكان الجديد.

تم القبض على شقيق سارة والزج به في السجن "من دون سبب". ومع تفاقم الحرب غادرت سارة وشقيقتها فاطمة -البالغة من العمر 29 عاما- من سوريا إلى أوروبا. سافرتا بالطائرة إلى تركيا ثم ركبتا قارباً إلى اليونان. "لقد أجلسونا في قارب مطاطي على متنه 65 شخصاً"، كما تقول فاطمة شقيقة سارة. وتضيف: "بعد 20 دقيقة من مغادرة الشاطئ التركي، أصبح قاربنا عالقاً وتوقف عن الحركة ثم جاء حراس السواحل اليونانيين وساعدونا. أما القوارب الأخرى التي أبحرت معنا فقد غرقت. ومات جميع من كان على متنها".

 المجيء إلى أوروبا

 وبعد توقف قصير في اليونان، غادرتا في اتجاه غرب أوروبا الغربية سيراً على الأقدام. وبالنسبة إليهما فإن المكان "الأسوأ كان سلوفينيا"، كما تتذكر سارة، مضيفةً: "لقد تم احتجازنا جميعاً في غرفة صغيرة وتم إغلاقها علينا. كان علينا أن نجلس على الأرض. وكان الطقس باردا جدا، ولم تكن هناك أي وسيلة للخروج من الغرفة. ضَرب أفرادُ الشرطة الرجالَ، وقضينا ليلة واحدة هناك ".

سارة سقطت مريضة، ولكن لحسن الحظ أن ناشطين من الصليب الأحمر وصلوا إلى هناك في الوقت المناسب، ولم تكن المرأتان مضطرتين للعودة إلى الملجأ، بل تم نقلهما إلى حافلة وكان بإمكانهما السفر من هناك إلى غرب أوروبا. "لقد كنا محظوظتين جدا"، تتذكر فاطمة، وتضيف: "لقد سافرنا مع عائلة فيها ثلاث فتيات وشابان، وقد ساعدونا"، وتقول إن الشابين عملا على أن تبقى النساء في أمان، مضيفةً: "باستثناء الرجل الذي حاول سرقة حقيبتنا، لم نواجه أي مضايقات".

وفي النمسا، اشترت فاطمة وسارة تذكرة بمبلغ 300 يورو كي تصلا بها إلى ألمانيا. في البداية تم إرسال اللاجئتين إلى مأوى للاجئين -وهو مبنى مستشفى سابق- في مدينة دويسبورغ غربي ألمانيا، ولهذا المبنى غرف منفصلة مع مرحاض مرفق لكل غرفة. لكن سارة تقول إن المأوى "الأكثر سوءاً" كان هو المأوى المتكوِّن من حاويات في بورنهايم، إحدى ضواحي مدينة  بون، مضيفةً: "لقد كانت الحالة سيئة للغاية وكان علينا البقاء هناك لمدة 25 يوماً". كان يوجد في هذا المأوى مرحاض واحد فقط لـ 100 شخص وكان هذا المرحاض شديد القذارة. وتكشف سارة أن "الكثير من الناس هناك أصيبوا بالعدوى والمرض".

Flüchtlinge Opatovac Kroatien Serbien
أحد أهم الطرق التي سلكها اللاجئون من الشرق الأوسط إلى ألمانيا هو طريق البلقان صورة من: picture-alliance/PIXSELL

كما أن النساء لم يشعرن بالأمان في الحاويات. إذ لم يكن يوجد هناك أي مسؤولين أمنيين، أما ملجأ الحاويات المجاور فيسكن فيه عمال من رومانيا جاؤوا إلى ألمانيا من أجل العمل الموسمي والمساعدة في أعمال الحقول. "هؤلاء الرجال كانوا يريدون أن يصبحوا أصدقاء لنا، لكننا كنا نهرب، كنا نغادر المكان في الساعة الـ 8 صباحا ولم نكن نعود إلا في الساعة الـ 10 مساءً"، كما تقول فاطمة لموقع مهاجر نيوز. لقد كانت اللاجئتان تقضيان يومهما مع امرأة طيبة سمحت لهما باستخدام منزلها خلال النهار. لكن هذه اللفتة الكريمة لم تكن كافية لتحسين مزاج سارة، التي كانت تقضي معظم يومها في البكاء، كما تقول شقيقتها.

 اشتياق للعائلة والصديقات

 "في يوم من الأيام، كانت سارة جالسة أمام قاعة البلدية في مدينة بون، ثم انفجرت بالبكاء. فمشى إليها رجل -أعتقد أنه عراقي- وحاول أن يواسيها. قال إنه سيحاول خلال الأيام الثلاثة التالية العثور على مكان نبقى فيه، ثم دبّر لنا شقة"، كما تقول فاطمة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحياة أسهل بالنسبة للأختين. فسارة -التي أصبحت لغتها الألمانية تقريباً في مستوى زميلاتها في المدرسة- صارت مشغولة بالدراسة بجد كي تصبح طبيبة. أما فاطمة فهي صيدلانية، وهي قيد الحصول على الاعتراف بشهادتها السورية من ألمانيا.

تبقى كلتاهما على اتصال دائم بعائلاتهما في سوريا. "غالبا ما لا يكون لدى أفراد عائلتنا أي كهرباء، لذا فإن الحديث معهم صعب على برنامج سكايب"، كما تقول الشقيقتان. تعابير وجهيهما لا تخفي قلقهما على عائلتهما في سوريا. وفي حين يبدو أن فاطمة (عمرها 29 عاما) راضية بقَدَرها، فإن شقيقتها الصغرى لا تزال في طور التقبل التدريجي للمدرسة واللغة الجديدة والثقافة والشعب في ألمانيا. وتقول: "أفتقد صديقاتي في أرض الوطن".

مهاجر نيوز 

 ماناسي غوبالاكريشنان / (ع.م)

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات