هل يمكن أن ينتهج بايدن نهجا مختلفاً عن سابقيّه بشأن إيران؟ – DW – 2021/2/7
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يمكن أن ينتهج بايدن نهجا مختلفاً عن سابقيّه بشأن إيران؟

٧ فبراير ٢٠٢١

أبدى بايدن اهتماماً بتهدئة الأمور مع إيران خلال ترشحه للرئاسة لكنه يبدو أن "الرئيس" بايدن قد كبح جماح حماسه. بل إنه أظهر أيضا استعدادا لاستخدام العصا التي تركها ترامب وراءه. فهل يمكن أن يختلف نهجه عن نهج سابقيه مع إيران؟

https://p.dw.com/p/3p0Kx
الرئيس الأمريكي جو بايدن
هل يمكن أن يختلف تعامل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الملف الإيراني عن سابقيه أوباما وترامب؟صورة من: Tom Brenner/REUTERS

يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول التركيز على التعامل مع إيران بشكل ملائم. وإذا كان المرشح جو بايدن قد أظهر الكثير من الاهتمام بالتصالح مع النظام في طهران، فإن الرئيس جو بايدن يبدو أنه قد كبح حماسه.

ولم يتحدث جو بايدن كثيراً عن هذا الموضوع منذ انتقاله إلى البيت الأبيض. لكن مسؤولي سياسته الخارجية والأمن القومي استبعدوا عودة أمريكية فورية إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، الذي تفاوض عليه الرئيس الأسبق باراك أوباما وانسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب.

عودة إلى الدبلوماسية

ومع الإشارة إلى الرغبة في العودة إلى الدبلوماسية مع طهران، أوضح أيضا وزير الخارجية أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان أنهما مستعدان للانتظار. فهما يريدان "اتفاقية أطول وأقوى" مع الجمهورية الإسلامية.

ويبدو أن بايدن يعيد بشكل سريع وإن كان غير مباشر موازنة أولويات بلاده في الشرق الأوسط، متراجعا عن سياسة سلفه الداعمة بشكل كامل للسعودية وإسرائيل بينما يؤكد على الدبلوماسية مع إيران. 

وقال الكاتب الصحفي بوبي غوش في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن هذا يترك مساحة لبايدن لانتهاج سياسة مختلفة في التعامل مع إيران لا تكون بمثابة رد فعل لسياسة ترامب ولا تعد استمراراً مباشراً لسياسة أوباما.

ويتركز الموقف الحالي للإدارة من الاتفاق النووي على أنه يجب على الإيرانيين، الذين انتهكوا منذ فترة طويلة القواعد الخاصة بحدود تخصيب اليورانيوم التي فرضها الاتفاق، أن يعودوا إلى الامتثال للشروط التي وافق عليها أوباما قبل أن تسمح الولايات المتحدة بأي تخفيف للعقوبات التي فرضها ترامب.

من جانبها،  تصر طهران على رفع العقوبات أولاً، وتحاول تجميع بعض أوراق الضغط أو النفوذ لإجبار بايدن على ذلك. وقامت بتكثيف تخصيب اليورانيوم وبدأت في انتاج معدن اليورانيوم الذي يستخدم في صنع القنابل الذرية.

نهج مختلف

 وبينما تعهّد بتبني نهج متشدد حيال روسيا وتحدّث عن التحديات التي تمثّلها الصين، اكتفى بالمرور سريعاً على إيران، في تناقض صارخ عما كان الحال عليه في عهد سلفه دونالد ترامب الذي لطالما اعتبر أن الجمهورية الإسلامية تشكّل تهديداً عالمياً وأطلق حملة "ضغوط قصوى" عليها شملت إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة باراك أوباما، والتي كان بايدن نائب الرئيس فيها.

ويعقّب المستشار المخضرم في شؤون الشرق الأوسط لدى وزراء الخارجية من الحزبين آرون ديفيد ميلر على الأمر قائلاً: "في حالتي إسرائيل والسعودية، وهي علاقات قرر ترامب إعادة تأهيلها بعد أوباما، فإن إدارة بايدن مستعدة لترك المزيد من المسافة، وإن لم يكن بنسبة متناظرة".

وفي ما يتعلّق بإسرائيل، أشار ميلر إلى أن إدارة بايدن تتروى قبل إجراء رابع انتخابات تشهدها الدولة العبرية في غضون عامين في آذار/ مارس، نظراً لاحتمال هزيمة نتانياهو، الذي حشد تأييد المحافظين في الولايات المتحدة ضد سياسة أوباما حيال إيران.

وقال ميلر، الباحث حالياً لدى "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي": "هذه إشارة إلى أن الأمور ليست كالمعتاد بالنسبة للطريقة التي تعامل ترامب من خلالها مع الإسرائيليين".

إيران.. هل هي مجرد ملف نووي؟

أما بالنسبة لإيران، نوّه ميلر إلى أن بايدن يرسل إشارة على ما يبدو مفادها "لا نلاحق طهران". وحذّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مراراً من العملية الطويلة لإعادة إحياء اتفاق 2015 النووي، على الرغم من أنه عيّن مبعوثاً لإطلاق الحراك الدبلوماسي في هذا الاتجاه. 

 ووصف برايان كاتوليس من "مركز التقدّم الأمريكي" المقرّب من اليسار، موقف بايدن بأنه "أقرب إلى إعادة تكيّف باتّجاه الوضع الطبيعي" في وقت تحاول الولايات المتحدة الترفّع عن الانقسامات.

وقال كاتوليس إن "ترامب وضع أمريكا بدرجة كبيرة في جهة واحدة من الميزان في إطار النزاعات بين السعودية وإيران وإسرائيل وفلسطين".
وأضاف: "لم تنجح هذه الوضعية من قبل ترامب في خفض منسوب التوتر الإقليمي بل أعتقد أنها صعّدته وكادت تُدخل أمريكا من غير قصد في حرب أخرى في الشرق الأوسط من خلال المناوشات مع إيران".

علامات مشجعة

وقد تجاهل الأمريكيون حتى الآن هذا الجدال. وكان هناك المزيد من علامات الصبر المشجعة هذا الأسبوع. أولاً، رفض متحدث باسم وزارة الخارجية ضمنياً اقتراحاً إيرانياً جديداً بأن يقوم الاتحاد الأوروبي "بترتيب" عودة متزامنة إلى الامتثال من كلا الجانبين. ويحرص الأوروبيون على إسقاط العقوبات حتى يتمكنوا من استئناف التجارة مع طهران.

ولم يفعل الأوربيون الكثير إزاء تجاوزات النظام الإيراني النووية، سوى الإعراب عن رفضهم لها.

ومما يبعث على الاطمئنان أكثر، هو ما تردد عن أن بلينكن وجه روب مالي، مسؤول الوزارة المعني بالشؤون الإيرانية، بتجنب تفكير القطيع، من خلال تعيين أعضاء لديهم آراء أكثر تشدداً "مثل الصقور" في فريقه المفاوض.

وينظر إلى مالي، الذي كان شخصية محورية في الفريق الذي تفاوض على اتفاق 2015، على أنه من الحمائم، وقد عارض الجمهوريون وبعض الديمقراطيين المحافظين تعيينه بشدة.

ويبدو أن فريق بايدن مستعد للتعويض عن الأخطاء الكبيرة التي وقعت خلال سعي أوباما لإبرام اتفاق 2015، مثل الفشل في معالجة التهديدات غير النووية لإيران ومراعاة وجهات نظر الدول التي تهددها الجمهورية الإسلامية مباشرة.

وتقول الإدارة إن جيران إيران سيكون لهم مقعد على الطاولة في المفاوضات المستقبلية  حول قضايا مثل البرنامج الصاروخي للنظام الإيراني، واستخدامه الميليشيات بالوكالة وغيرها من الأنشطة المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

بايدن يلوح بالعصا

وعلى الرغم من تحدثه بلطف أكثر من ترامب، أظهر بايدن أيضًا استعدادًا لاستخدام العصا الكبيرة التي تركها سلفه وراءه.

وإذا كانت طهران تتوقع التساهل أو تخفيف العقوبات، فقد تعرضت لصدمة قوية هذا الأسبوع حيث اتخذت الإدارة الجديدة موقفاً متشدداً بشأن محاولاتها السرية لتصدير النفط.

ورفعت وزارة العدل دعوى أمام محكمة جزئية أمريكية، سعت فيها لمصادرة مليوني برميل على ناقلة نفط يونانية قالت إن إيران تستخدمها لشحن النفط إلى الخارج. كما لم يظهر بايدن أي تعجل للوفاء بوعده خلال حملته الانتخابية بتخفيف العقوبات ومساعدة إيران في مكافحة فيروس كورونا.

كل هذا سيثير حالة من القلق بين الذين يأملون في عودة أمريكية سريعة للاتفاق النووي لعام 2015، كنهم لن يكونوا قادرين على اتهام بايدن، كما كانوا يتهمون ترامب، باستخدام إيران كفتى للجلد لمجرد إرضاء إسرائيل ودول الخليج العربية.

فقد اتخذ بايدن أيضاً نهجاً أكثر صرامة بشكل ملحوظ مع جيران إيران، من خلال فرض تجميد على مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية وطلب مراجعة طلب الإمارات العربية المتحدة لشراء طائرات مقاتلة من طراز "اف - 35".

وأعلن سوليفان يوم الخميس الماضي أن بايدن سينهي دعمه لجميع العمليات العسكرية الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية ضد المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في اليمن. وحقيقة أن الرئيس لم يتصل بعد ببنيامين نتنياهو يشير إلى أنه يبقي رئيس الوزراء الإسرائيلي، أكثر الصقور تشدداً ضد إيران، على مسافة ليست قريبة.

ونتيجة لذلك، فإن الإدارة لديها مجال أكبر للمناورة. والآن أصبح الأمر يرجع إلى الرئيس بايدن لرسم مساره الخاص بشأن إيران.

ع.ح./ ع.غ.(ا ف ب، د ب أ)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد