الانسحاب الإسرائيلي: بين الضرورات الأمنية وإيديولوجية التشبث بالأرض – DW – 2005/8/17
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الانسحاب الإسرائيلي: بين الضرورات الأمنية وإيديولوجية التشبث بالأرض

خطة إخلاء مستوطنات إسرائيلية في قطاع غزة لقيت مقاومة شرسة من قبل المستوطنين وصارت قضية تشغل الرأي العام الإسرائيلي. المحلل السياسي بيرنشتاين يوضح أسباب رفض غلاة المستوطنين الخروج من غزة وتمسك الحكومة بخيار الانسحاب.

https://p.dw.com/p/73mV
اسلاك شائكة نسجها الجيش الاسرائيلي حول مستوطنة في غزةصورة من: AP

يقاوم المستوطنون والمتطرفون الإسرائيليون بشدة خطة إخلاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة والضفة الغربية. ففي الوقت الذي رحل البعض من المستوطنين من قطاع غزة طواعية مسلمين بالأمر الواقع وليس عن قناعة حقيقية، ظل البعض الأخر من هؤلاء في المستوطنات وأقاموا المتاريس والحواجز لعرقلة عملية الإخلاء والتظاهر سواء بالطرق السلمية كإقامة الصلوات ورفع اللافتات وغير ذلك، أو بالعنف كالاشتباك مع الشرطة والجيش والإسرائيليين. وقد انضم إلى المستوطنين آلاف من المعارضين للانسحاب من داخل إسرائيل تسللوا إلى قطاع غزة رغم إعلان القطاع منطقة محظورة. عمليات الاحتجاج تتواصل أيضا عند المعابر المؤدية إلى القطاع آخذة أشكال عدة مثل صب الزيت والطلاء والقناني الزجاجية على الطرقات القطاع بينما يحاول الكثيرون الدخول إلى القطاع عنوة أو بالتسلل ويواجهون الجيش والشرطة بشراسة. كما شهدت في اليومين الماضيين اعتداءات على القرى الفلسطينية في القطاع كرد فعل من المستوطنين على عملية الإخلاء.

إيديولوجية التشبث بالأرض

Israel Gaza-Streifen Abzug Israelische Polizei Siedler
مستوطنون يهودصورة من: AP

الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية هو احتلال نشأ بالقوة في عام 1967، والمنطقتان تقعان وفقا لقرار التقسيم والقرارات الدولية الأخرى في إطار الجزء الفلسطيني. ومع ذلك يتشبث المستوطنون بوجه خاص بالبقاء في ارض ليست لهم على الأقل من وجهة نظر القانون الدولي. فهل هو إذا تشبث عبثي بالأرض أم ان الأمر له خلفيات إيديولوجية ودينية وسياسية. بصرف النظر عن أسطورة "إسرائيل الكبرى" التي هي وفقا لمعايير السياسة الدولية الحالية وفي التفكير الإسرائيلي العقلاني تفكير غير واقعي، فان هناك أسباب عدة وراء معارضة المستوطنين والرأي العام الإسرائيلي للجلاء من المستوطنات اليهودية. ويشير الدكتور راينر بيرنشتاين، الباحث في العلوم السياسية والدراسات اليهودية، في مقابلة مع موقعنا إلى وجود أسباب عسكرية وجيو/سياسية وأسباب دينية. فمن الناحية العسكرية والجيو/سياسية يسود الخوف من اختلال الأمن وفقدان الحماية التي يوفرها العمق الجغرافي للضفة والقطاع، ويعتقد الإسرائيليون بان انسحاب إسرائيل من هذه المناطق قد يوفر أرضية "للمنظمات الفلسطينية المتطرفة" لشن هجمات على إسرائيل. من ناحية أخرى يعتقدون ان هذا الانسحاب ربما يكون مقدمة لانسحابات أخرى وهم بذلك لا يريدون ان يعطوا الفرصة للتنازل عن الأرض وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى التنازل عن "القدس التي تمثل خطا احمر" لدى اليهود ومن "المحرمات" التي لا يجب المساس بها، حسب تعبيره. أما الأسباب الدينية فترجع إلى نصوص في التوراة مفادها ان إبراهيم عليه السلام كان في قطاع غزة ومنها هاجر إلى مصر وبالتالي فهي لدى اليهود منطقة مقدسة.

قضية إسرائيلية داخلية

Siedler Protest im Gazastreifen
ايديولوجية التشبث بالارضصورة من: AP

تحولت خطة شارون "فك الارتباط" إلى قضية رأي عام داخل المجتمع الإسرائيلي وكان لها انعكاسات سياسية لازالت تتفاعل في الشارع الإسرائيلي وعلى مستوى الأحزاب والحكومة الإسرائيلية عموما. وقد انقسم الرأي العام الإسرائيلي على نفسه حول رفض أو تأييد خطة شارون. الدكتور بيرنشتاين، وهو يهودي ألماني، يعتقد ان ما بين 60% إلى 70% من الرأي العام الإسرائيلي لا يؤيد حجج المستوطنين والمتطرفين الرافضين لخطة الانسحاب، إلا انه يؤكد مرة أخرى على ان هناك "حدود ومنطقة محرمات" لن يقبل الرأي العام الإسرائيلي تجاوزها مثل "التنازل عن القدس".

وسياسيا كاد الأمر ان يهدد بأزمة حكومية ويطيح بحكومة اريل شارون ووحدة حزبه ليكود. وقد تكون حكومة اريل شارون قد وضعت بهذه الخطوة نهايتها وبالذات لو ان المناخ الأمني في الفترة القادمة قد سار بشكل معاكس لما حاول شارون ان يجنيه من "خطة فك الارتباط" وهو تحقيق الأمن مقابل الأرض.

الأرض مقابل الأمن....

Israelische Siedlung im Gazastreifen
الارض مقابل الامن؟صورة من: AP

من المعروف ان "خطة فك الارتباط" مع قطاع غزة التي هي ليست أكثر من إعادة انتشار للجيش الإسرائيلي من داخل القطاع إلى أطرافه مع الاحتفاظ بحق التوغل متى استعدت الضرورة الأمنية الإسرائيلية، قد جاءت من طرف واحد خارج إطار الاتفاقات الدولية بما فيها خارطة الطريق. وقد هدف رئيس الحكومة الإسرائيلية اريل شارون بذلك إلى تحقيق أهدافا سياسية وأمنية منها إلى جانب الالتفاف على تلك الاتفاقات، التخلص من نزيف مالي وارق امني بسبب وجود تلك المستعمرات في شكل بؤر استيطاني داخل قطاع غزة يكلف الحفاظ على أمنها الكثير. وبالتالي فإخلاء هذه المستوطنات لا يندرج تحت بند الأرض مقابل السلام وإنما تحت بند "الأرض مقابل الأمن". ويعتبر برنشتاين، ان شارون قد وضع بسياسته هذه "نهاية موجعة للألم بدلا من الم بلا نهاية". وهو لا يعتقد ان شارون بهذه الخطوة قد وضع فعلا نهاية للألم. فالعنف في رأيه سيستمر والأمن لن يتحقق بمعالجة جزئية كهذه ومن طرف واحد.

....او مقابل السلام؟

Das erste Treffen
السلام ضرورة حتمية للعيش جنبا الى جنبصورة من: AP

قضية السلام بين الطرفين ووضع حد للعنف والعنف المضاد لا تبدو من خلال "خطة فك الارتباط" ستتحقق مالم يتبعها ترتيبات كبرى وحل قضايا اكبر مثل قيام دولة فلسطينية قابلة للعيش وحل مشكلة اللاجئين. وأما عملية الانسحاب من قطاع غزة ومن بعض المستوطنات فلا يعني بان السلام سيتحقق بهذه الخطوات، حسب توقعات الخبير الألماني. فالسلام قضية اكبر من الانسحاب من بعض المستوطنات ولن يتحقق إلا باتخاذ الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني خطوات جادة.

د. عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد